بقلم: أحمد رفعت
هذا المقال يحتاج صبرك عزيزى القارئ.. ويحتاج إلى وصولك بالمتابعة إلى نهايته لكن بعد بناء الفكرة خطوة خطوة.. فالكتائب الإلكترونية تدير حرباً شرسة ضد شعبنا تكاد لا تتوقف على مدار الساعة.. عقل مدبر.. عناصر مدربة جيداً.. أجهزة حديثة وأموال لا أول لها ولا آخر.. توجه الرأى العام إلى الاتجاه الذى تريده دون وعى من الآخرين ممن يعتقدون أنهم يسيرون مع الأغلبية.. وبعضهم يتوهم أن قراره من عقله لكن الأمر ليس كذلك وأن القصة كلها أن هناك من ساق إليه أنباءً خاطئة ثم دفع حوله من ينشر هذه الأنباء ومع نظرية «السلوك الجماعى» تجدهم يصدقون الأنباء الكاذبة ثم يتبنونها ثم يدافعون عنها باستماتة دون إدراك أنهم يضرون بالمصالح العليا لوطنهم!
الأسابيع الماضية شنت الكتائب الإلكترونية المعادية لمصر هجوماً عنيفاً على الساحة المصرية الموجودة على شبكات التواصل والتى تقدر بعشرات الملايين فى محاولة لتوجيهها لتضغط هذه الملايين بدورها على القرار السياسى متوهمة أنه يمكن الوصول إلى قرارات ترضيها فى بعض القضايا.. اللجان الإلكترونية المعادية تتبناها ثلاث دوائر أساسية.. اللجان الإسرائيلية التابعة للوحدة 8200 بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية وتدير من خلالها آلاف الصفحات والحسابات على شبكات التواصل، خصوصاً «فيس بوك» بأسماء عربية تشير إلى انتمائها لمختلف البلدان العربية وتستحوذ طبعاً مصر على النصيب الأكبر.. ثم لجان «الإخوان» وقد بدأوا مبكراً فى إطلاق العمل لهذه اللجان ومنذ عرفت مصر الصحف الإلكترونية ثم اللجان التابعة للإعلام القطرى!
كان تنظيم مصر للبطولة الأفريقية فرصة مناسبة لتخوض اللجان الإلكترونية حرباً مباشرة ضد بلادنا تتفرق دماؤها بين اللجان الإلكترونية المختلفة يجمعها غير التنسيق الأعلى إفشال مصر وإظهار عدم جدارتها بتنظيم مثل هذه البطولات على الأقل حتى لا تتكرر مرة أخرى.. مع أهداف أخرى مهمة بالنسبة لهم مثل إفساد العلاقات المصرية مع بعض الدول العربية والإساءة للشرطة المصرية مع تحريض المواطن المصرى ضد قيادته بحجة الإنفاق «الضخم» على البطولة فى وقت نحتاج فيه كشعب إلى كل قرش!
ومنذ اللحظة الأولى والأنباء تتوالى عن حشد إخوانى من إخوان بعض البلاد العربية لأداء مهام محددة فى البطولة.. ثم محاولات التأثير على شكل البطولة وإخراجها بما يؤثر على معنويات المصريين المستهدفة باستمرار.. ثم محاولات إشعال الفتنة بين المصريين وأشقائهم فى كل من تونس والجزائر.. وكان الهدف طعن، تحت ستار الرياضة والتنافس، أشرف وأطهر ما جمع الأشقاء العرب وكتب بالدم.. تشهد على جزء منه أرض سيناء الطاهرة ومدن القناة.. وتشهد عليه ثورة المليون شهيد التى أديرت من القاهرة بعد أن انطلق أبطالها منها فى أقدس حروب التحرير التى عرفتها البشرية!
الآن نترك الحديث عما يعرفه الجميع وشكّل مفاجآت فى وقتها.. مثل أول نفى لواقعة رفض اللاعب الجزائرى رياض محرز مصافحة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى جاء من عمر أبوالعيش، السفير المصرى بالجزائر، وقبل اعتذار «محرز» نفسه إلى نفى ذلك وشرح ما حدث وأنه أصلاً صافح المهندس مدبولى عند تسلمه الميداليات أول مرة قبل تسلم الكأس.. ودعكم من عدم تعليق اتحاد الكرة المصرى على الموضوع ولا التقدم بالشكوى ضد اللاعب لاقتناعهم أن الاتهام صناعة «فيس بوكية» تشعل النار، بل ودعكم من تصريح للمهندس هانى أبوريدة يقول كلاماً مختلفاً ولأول مرة عن أحداث أم درمان بالسودان.. ودعكم من ثبوت فبركة الفيديوهات الخاصة بهتاف الجماهير الجزائرية ضد مصر وأن الصوت تم تركيبه على لقطة فيديو ليست من البطولة أصلاً، وأخيراً ثبوت، بتصريحات رئيس الطيران المدنى، أن الجماهير الجزائرية بالمطار لم تشتبك مع الأمن وإنما اشتبكت مع بعضها وأن الأمن فض الاشتباكات ليس أكثر.. فقد هدأت الأمور وتبين للكثيرين تسرعهم واندفاعهم وتعلموا من حديث سفيرنا بالجزائر أن المصالح العليا للشعبين أهم من كل ذلك.. إنما سنتوقف فقط أمام حادثتين وقعتا فى هذه الأجواء تقريباً.. خصوصاً أن الدولة المصرية بمختلف أجهزتها أجهضت كل المخططات وتعاملت بهدوء أعصاب وذكاء كبيرين.. الواقعة الأولى كانت منتصف يوليو تقريباً عندما اعتدت الشرطة الرومانية على المواطن المصرى حسن سلامة وتكفلت الدولة المصرية، ممثلة بوزارتى الهجرة والخارجية، بمتابعة الأمر لكن السؤال: ماذا لو الحادث وقع فى السعودية أو الكويت أو الإمارات أو أى بلد عربى آخر؟ هل كان حجم الاهتمام به ومتابعته كما جرى؟ أم كانت اللجان الإلكترونية المعادية ستتدخل لتشعل النار فى كل اتجاه ناحية العلاقات العربية والهدف أيضاً العلاقات الشعبية لأن عليها سيتشكل المستقبل؟.. لأن الشعب الرومانى لا يفهم العربية ولن يتأثر بأى هياج «فيس بوكى» فلم تهتم اللجان المعادية بالأمر!
الحادث الثانى وقع فى مدينة 6 أكتوبر حيث فوجئنا فى 21 يوليو الماضى وبعد انتهاء البطولة بالأخبار تقول «إصابة 3 ضباط ومجند فى تفريق تجمهر لعدد من الأفارقة بأكتوبر»! ثم تفاصيل عن اشتباكات بين الأمن المصرى ومئات المتظاهرين من الإريتريين حول تفاصيل تتعلق بالإقامة والسفر والتأشيرات وغيرها.. إنما وبعيداً عن أى تفاصيل فقد نجح الأمن فى السيطرة على الموقف والوصول به إلى بر الأمان نسأل: هل حجم الاهتمام بالخبر لاحظه أحد؟ السؤال الأهم: ماذا لو كانت التظاهرات للأشقاء السوريين؟ والهجمات الفيس بوكية والإلكترونية تتجدد كل حين، حتى إن إشاعة تظاهرهم فى أكتوبر تداولت بكثافة رغم عدم وجود أى دليل حقيقى ويقينى، نكرر حقيقى ويقينى، عليها حتى اللحظة!
أين بعض جنرالات الفيس بوك وحماسهم من أجل أبناء مصر؟