بقلم - أحمد رفعت
ننشغل بالبناء وبالخير.. وإعلام الأعداء ينشغل بنا وبالشر.. لذلك قدرته على الحركة أسرع وأكثر مرونة، خصوصاً مع توفير إمكانيات ضخمة له، خصوصاً مع أسبقيته فى التعامل وتوظيف وسائل الإعلام الجديدة، فى حين نهتم أكثر بوسائله القديمة التى، رغم أهميتها واحترامنا لها، لم تعد وحدها.. اتسعت ساحة الفعل الإعلامى وتمددت وأصبح الإعلام التقليدى جزءاً منها.. وليس كل الإعلام كما كان قبل سنوات.. المصريون حتى وهم يشاهدون الفضائيات ويطالعون الصحف يمسكون بهواتفهم التى تربطهم بالعالم كله.. مواقع إلكترونية.. وصفحات بالملايين على شبكات التواصل الاجتماعى.. ويكسب المعركة طبعاً من يصل للناس بالشروط المعروفة.. فى الوقت المناسب.. وبالمعلومة الصحيحة.. ومن خلال الشخص المناسب الذى يثق فيه الناس ويصدقونه!
عدة خطوات يمكنها أن تلعب دوراً مهماً فى المعركة.. وهى معركة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.. فيها الرؤية حتى لو كانت شريرة وخبيثة، وفيها الجنود وقياداتهم، وفيها التخطيط والتمويل، ولها ساحاتها التى فيها المعارك.. وهى ممتدة من الكذب والتلفيق، إلى التشويه والتسخيف، إلى التشويش والشوشرة، إلى لفت الأنظار بعيداً عن موضوع مهم، إلى إبراز موضوع بنصف الحقيقة ليكملها العقل الفردى أو الجمعى بنفسه ويكون النصف الآخر المتروك عمداً هدفاً مطلوباً فى ذاته.. وهكذا تتطور ألاعيب إعلام الشر يومياً تحملها إلينا عشرات الألوف من الصفحات الوهمية تديرها أيدٍ عابثة تستحق القطع!
عدة خطوات مهمة يمكن إجراؤها ولا ولن تكلف الدولة شيئاً إلا ما ستتكلفه بالضرورة وكل ما ستفعله هو الإسراع به.. فعلى سبيل المثال أولى هذه الخطوات هى عملية إعداد الساحة.. وفيها يصدر وزير الداخلية قراراً فورياً ينفذ بأسرع ما يمكن يقضى بتأسيس أفرع لمباحث جرائم الإنترنت فوراً مثلها مثل جرائم المخدرات والآداب والأموال العامة بل نراها الأكثر انتشاراً وخطراً على المجتمع.. الوزارة فى الأصل توسعت بالفعل الفترة الأخيرة لكننا نريد جدار أمان يمكن للمواطن اللجوء إليه عند أى لحظة.. فنحن مثلاً دولة ومجتمعاً لا يمكننا الحديث عن القضاء على المخدرات دون وجود إدارات لمكافحتها بالمحافظات المختلفة.. رغم أن وسائل إثبات الجريمة فيها أسهل من إثباتها فى الجرائم الإلكترونية.. هذا الإجراء رغم احتياجه لمخصصات وكوادر يشبه عملية انتشار القوات الذى يتم فى حالات الطوارئ والمخاطر لكننا نريده بشكل دائم.. فكل المؤشرات تقول إن المعركة ستطول بعض الشىء! «الداخلية» تتحمل أعباء كثيرة جداً وببسالة أسطورية لأبنائها لا تقل عن الجيش العظيم.. ولكن عندما تكون المواجهة إلكترونية ستكون أفضل كثيراً جداً من أن تتطور وتتحول إلى مواجهة فى ساحات القتال!
الخطوة الثانية ومن خلال المحليات أو ما يعمل منها ومعها أجهزة شرطة المصنفات الفنية التصدى للوصلات الموجودة فى عدد كبير من المدن والقرى بالصعيد والدلتا وعدد كبير منها ليس مخالفاً فحسب وإنما قنوات إعلام الشر جزء مما يقدمه.. وتكون جريمة هؤلاء مزدوجة.. بث محتوى بغير ترخيص ثم بث محتوى معادٍ وضد المجتمع.. وإن كان عدد من هؤلاء وفق أوضاعه وحصل على الموافقات اللازمة أو بعضها يمكن الاشتراط عليه رفع قنوات الشر من قوائمه!
ثالث الخطوات اتخاذ موقف حاسم مع الجهاز القومى للاتصالات لوضع حد حاسم لظاهرة خطوط الاتصال غير مسجلة البيانات وهى تصل فى بعض التقديرات إلى ما يقرب من أربعة ملايين خط كافية وحدها لإنشاء ملايين الصفحات الوهمية التى يصعب التعامل معها بسبب عدم القدرة على تحديد مكانها.. إذ يمكن التخلص من الشريحة نفسها بعد اصطناع عنوان إلكترونى من خلالها! ولا نعرف سبباً يمنع التعامل مع الشركات الأربع وإلزامها بذلك! مع مراقبتها والتفتيش عليها وتوقيع الغرامات التى يجب أن تتصاعد لتتجاوز أى ربح محتمل مع التجارة السهلة فى شرائح بلا بيانات.. عندها ستتوقف الظاهرة تلقائياً!
الخطوة الرابعة عودة المتحدث الرسمى أو إدارات الإعلام والعلاقات العامة للعمل وممارسة دورها فى كافة وزارات ومحافظات مصر والهيئات العامة والقومية الكبرى بطول مصر وعرضها وعدم الاكتفاء بدور مركز معلومات مجلس الوزراء مع تقديرنا الكبير له.. فإشاعة مثلاً عن حادث سير أو حريق أو مشكلة بمدرسة ستكون المحافظات أقدر وأسرع فى التعامل معها ولا يمنع ذلك نفيها وزارياً أو من خلال مجلس الوزراء.. فالإشاعة تحتاج لقتلها وليس فقط نفيها.. والإشاعة التى تصل مثلاً إلى ألف مواطن قد يصل نفيها بوسائلنا الحالية إلى نصف هذا الرقم!! وتوزيع عبء التعامل معها مفيد جداً.. خصوصاً أنه كلما تأخر زمن التعامل معها كلما انخفض تأثير النفى!
الخطوة الخامسة تفعيل إدارات الرد والاهتمام بشكاوى المواطنين واتساعها برامجياً وإلزام المسئولين باحترامها والتعامل معها.. فالمواطن عندما يجد من يحترمه ويستمع إليه لن يذهب للشكوى أو للصراخ بعيداً.. والمواطن عندما يجد من يهتم بأوجاعه سيشعر بالأمل فى حياة أفضل حتى لو لم تحل مشكلته، لكنه سيرتاح عند الاستماع إليه واحترامه وستزداد قناعته بأن الحوار أهم وسيلة للحصول على الحقوق وليس بالخروج على المجتمع أو العنف.. كما أنه سيثق فى القائم بنفى الإشاعة لأنه يعمل فى الجهة التى اهتمت به واحترمته! ولا ننسى أن الاهتمام بآلام الناس واجب وحق للمواطن الذى تعمل عنده الحكومة والأجهزة التنفيذية كلها!
أما الخطوة السادسة فهى تهيئة الظروف لخبرائنا لابتكار شبكات تواصل خاصة بمصر مثل الصين.. وهذا لا يعنى إلغاء الفيس بوك وتويتر أو الانعزال عن العالم إنما فقط توفير بديل ملائم ينافس الموجود.. أما وجود كتائب إلكترونية وطنية فيحتاج إلى حديث منفصل.. لكن يبقى الحال كحال الجيوش الحديثة لا تهتم فقط بالسلاح والذخيرة.. إنما يمتد اهتمامها إلى الإمداد والتموين وللمعلومات والاستطلاع ووسائل النقل الخاص بالقوات المسلحة مع الإدارات الهندسية والطبية والشئون المعنوية وأسر العاملين والأنشطة الترفيهية وكل ذلك هدفه النهائى تهيئة أفضل وضع لساحة القتال.. وبالتالى نريد أن نهيئ ساحة القتال.. قبل القتال وأثناءه وبعده!!
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع