توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللى بنى «الثقافة المصرية» كان فى الأصل ضابط جيش!

  مصر اليوم -

اللى بنى «الثقافة المصرية» كان فى الأصل ضابط جيش

بقلم - أحمد رفعت

فى الوقت الذى تكاد لا تمر مناسبة إلا والرئيس السيسى يتكلم عن الوعى منبهاً ومحذراً.. إلا أن تحذيره الأخير فى الندوة الثقافية للقوات المسلحة جاء فى ذكرى مرور ستين عاماً على إنجاز هذا الرجل العظيم.. تحتفل بها مصر دون إحياء ذكراه أو تكريمه.. نقفز سريعاً إلى قلب الموضوع ونقول إننا نقف جميعاً أمام أسطورة حقيقية من لحم ودم.. ومن قبلهما من عقل ووجدان.. هذا الرجل بنى بنفسه وتأسس على يديه المجلس الأعلى للثقافة الذى حمل اسمه وقتها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، والهيئة العامة للكتاب التى تبنت نشر الوعى فى مصر طولاً وعرضاً.. ودار الكتب والوثائق القومية، التى ضمت فى ذاك الوقت ما يزيد على نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة والتاريخية التى احتوت على التراث المصرى وحافظ عليه بداخلها.. أسس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفونى الذى قدم عشرات من الأسماء الكبيرة والمعروفة، وكذلك فرق الموسيقى العربية التى قدمت أيضاً عشرات الأسماء الكبيرة واللامعة والسيرك القومى الذى أسسه فى مكان قريب من الناس ليتيسر للبسطاء الترفيه عن أنفسهم بأسعار بسيطة للغاية بعد أن نقل تجربة روسيا فى السيرك كما نقل تجربتها فى الباليه.. وأسس مسرح العرائس ليكون لأطفال مصر نصيب من التربية الرشيدة للوجدان لا تسمح بتسلل لا طائفية ولا تطرف ولا أفكار ضالة!

هذا الرجل أشرف على إنقاذ معبدى فيلة وأبوسنبل بأسوان لإتمام مشروع حياة أو موت للمصريين هو السد العالى رغم أن بعض الكذابين يحاولون تشويه ذلك بأكذوبة إهداء معابد لعدد من الدول وقتها، وسوف نتناول ذلك فيما بعد بقصته الحقيقية، رغم أن نقل فيلة وأبوسنبل وحده ملحمة كبيرة تحتاج إلى تسجيلها بشتى وسائل التسجيل الممكن درامياً ووثائقياً قدم فيها الفنيون المصريون درساً للأمم لن يدركه إلا من يعرف تفاصيل ما جرى وهو ما يشبه نقل جبل كامل إنما بكافة تفاصيله الأساسية دون خطأ واحد!.. وهو أيضاً صانع الصوت والضوء فى منطقة الأهرامات وكذلك بالكرنك فى الأقصر، وهو مؤسس المعهد العالى للسينما والمؤسسة العامة لفنون المسرح والموسيقى، وهو من أسس قاعة سيد درويش الشهيرة بشارع الهرم بالجيزة!

هذا الرجل هو من أسس لمشروع مكتبة الأسرة بمشروع سبقه أطلق عليه وقتها «المكتبة الثقافية» التى تبنت ونشرت وترجمت أروع الأعمال الأدبية والفكرية والثقافية فى مصر والعالم.. أسس الفرقة القومية للفنون الشعبية ومعها الفرقة الشعبية لرعاية الفنانين الشعبيين وتوظفهم هم أنفسهم فى حفظ التراث المسموع والمنقول وكانوا بلا أى رعاية وكان التراث نفسه بغير أى اهتمام، ومع فرق الباليه لم ينس تأسيس فريق باليه أوبرا القاهرة آخر لكورال أوبرا القاهرة، وكذلك أسس معاهد الباليه والكونسرفتوار والنقد الفنى، وأسس دار النسجيات «التابسرى» بحلوان بعد أن كان قد انتهى هذا النوع من الفن بمصر، وأسس قبلها أكاديمية الفنون، المؤسسة الثقافية الفنية العملاقة التى تضم معاهد العالى للسينما بكافة أفرعه التى أثرت التنوير فى مصر وهى الإخراج والسيناريو والمونتاج وهندسة المناظر وهندسة الصوت والتصوير والرسوم المتحركة والإنتاج والموسيقى العربية والعالى للتمثيل والباليه والعالى للنقد الفنى الذى قدم جيلاً من نقاد السينما والمسرح والتليفزيون، وكذلك المعهد العالى للفنون الشعبية الذى أثرى أيضاً الحياة فى مصر بأفرعه للموسيقى الشعبية والرقص الشعبى والمسرح الشعبى والأدب الشعبى وفنون التشكيل الشعبى والعادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف الشعبية والفولكلور ومناهجه، وهذا الرجل هو الذى أسس للثقافة الجماهيرية التى تحولت الآن للهيئة العامة لقصور الثقافة التى أسست قصور وبيوت الثقافة فى كافة محافظات ومدن مصر التى قدمت أدباء الأقاليم وفرق الفنون الشعبية والموسيقى والتمثيل الإقليمية بكافة محافظات مصر ومن خلالها حصل الأدباء بالأقاليم على منح التفرغ التى أقرها «عكاشة» أيضاً ليتفرغ بعض مبدعينا لتقديم إبداعهم للمصريين وللعالم، كما أسس لمسرح البالون بفنونه المختلفة وكذلك لإصدارات وزارة الثقافة ومجلاتها الشهيرة، وأسس المتاحف والمراكز الفنية للفنون التشكيلية وعدداً كبيراً من بيوت القاهرة الفاطمية ومراكز الإبداع وغيرها وغيرها وغيرها!

رصدنا لإنجازات الرجل قد يبدو للبعض مفيداً وجذاباً ويبدو للبعض الآخر مملاً وطويلاً لكنه فى الأول والآخر حق له ينبغى ذكره وتذكير الناس به.. كما نعتبرها أيضاً حيثيات تكريمه على أعلى مستوى بالطريقة التى تراها الدولة، أما الأهم على الإطلاق فى أسباب ذلك فهى الرؤية التى تجلت كما ذكر «عكاشة» نفسه فى حواره الطويل بينه وبين جمال عبدالناصر وهو يقنعه بتولى الوزارة وكيف منحه الأيام ليقرر وكيف يعترف هو أنه أرهق الزعيم وهو يقنعه بتولى المهمة وكيف كان ودوداً معه حتى قال له الخلاصة وهى «مهمتك هى تمهيد المناخ الثقافى لإعادة صياغة الوجدان المصرى.. وتذكر أن بناء المصانع سهل.. ولكن بناء الإنسان صعب جداً»!

نتذكر ذلك ونحن نعيد صياغة الإنسان المصرى بعد إهمال طويل تقاعست الدولة فى القيام بواجبها اهتمت فيها بترميم الآثار دون منع تهريبها بل أشرف على تهريبها مقربون من الحكومة التى تتبنى ترميم الآثار! وجاء الاهتمام بالآثار رغم تهريبها على حساب بناء الإنسان.. فتراجعت مخصصات مسرح الدولة وتخلت الدولة نفسها عن الإنتاج السينمائى ثم عن الإنتاج التليفزيونى وأعمال الأطفال.. سواء دراما أو أغانٍ أو برامج.. وتركنا تشكيل الوعى المصرى لبعض التجار ممن لا يعنيهم، وهذا منطقى، إلا الربح!

نقف أمام تجربة كبيرة أنتجت المصرى الذى ننظر إليه اليوم باحترام وأحياناً بالدهشة وهو فى كامل أناقته فى حفلات أم كلثوم أو فى مدرجات استاد القاهرة فى مباريات الستينات، وهو ذاته المصرى الذى تحمل السنوات الست ما بين 67 و73 ونضرب المثل بما قدم، وهو المصرى الذى ذهب شرقاً وغرباً يعلم الناس المسرح والموسيقى والسينما ويقرأ له العرب إبداعه الأدبى.. وهو المصرى الذى نريده اليوم ولا تستقيم الأمور أبداً فى الثقافة أو الوجدان أو ببناء الإنسان أو فى غيرها بما اعوجت به.. فاستقيموا يرحمكم الله!

سيروا على خطى ثروت عكاشة.. ابن الجيش العظيم الذى أنار المنطقة العربية كلها فكانت تركته «نور على نور».

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللى بنى «الثقافة المصرية» كان فى الأصل ضابط جيش اللى بنى «الثقافة المصرية» كان فى الأصل ضابط جيش



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon