بقلم : ماهر حسن
كان أبوحامد محمد الغزّالى الطوسى النيسابورى الصوفى الشافعى الأشعرى حجّة الإسلام، أحد أعلام عصره وأحد أشهرعلماء المسلمين فى القرن الخامس الهجرى، والغزالى من أهل السنة والأشعرية، ولقب بمجدّد القرن الخامس الهجرى، وكان فيلسوفاً وصوفىّ الطريقةِ، شافعىّ الفقهِ ولم يكن للشافعية فى آخر عصره مثلَه وكان سنّىّ المذهب على طريقة الأشاعرة فى العقيدة
فى 1058م فى طابران، وفى الدولة السلجوقية، ولد أبوحامد الغزالى- ابتدأ طلبه للعلم صبيا على يد الشيخ أحمد الراذكانى، ثم رحل إلى جرجان وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلى.
، وقد عُرف كأحد مؤسسى المدرسة الأشعرية السنّيّة فى علم الكلام، وأحد أصولها الثلاثة بعد أبى الحسن الأشعرى، وكان له أثرٌ كبيرٌ وبصمةٌ واضحةٌ فى علوم الفلسفة والفقه الشافعى، وعلم الكلام، والتصوف، والمنطق، وترك عددا من الكتب فى تلك المجالات، وكان قد انتقل إلى نيسابور ليلازم أبا المعالى الجوينى (الملقّب بإمام الحرمين)، فأخذ عنه معظم العلوم، ولمّا بلغ عمره 34 سنة رحل إلى بغداد مدرّساً فى المدرسة النظامية فى عهد الدولة العباسية بطلب من الوزير السلجوقى نظام الملك، وفى تلك الفترة اشتُهر شهرةً واسعةً، وصار مقصداً لطلاب العلم الشرعى من جميع البلدان حتى إن مجلسه كان يضم أكثر من 400 يكتبون عنه العلم، وبعد 4 سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة، متأثراً فى ذلك بالصّوفية وكتبهم، فخرج من بغداد خفيةً فى رحلة طويلة لمدة 11 سنة، تنقل خلالها بين دمشق والقدس والخليل ومكة والمدينة المنورة، وكتب خلالها كتابه الأشهر «إحياء علوم الدين» كخلاصة لتجربته، عاد بعدها إلى بلده طوس متخذاً بجوار بيته مدرسةً للفقهاء وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية حيث ارتحل ملازماً أبو المعالى الجوينى.
عندما رحل الغزالى إلى نيسابور ولازم إِمام الحرمين أبو المعالى الجوينى (إمام الشافعية فى وقته، ورئيس المدرسة النظامية)، درس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبوالمعالى الجوينى بأنه: «بحر مغدِق» وبعد وفاة الجوينى خرج الغزالى إلى «عسكر نيسابور»، قاصداً الوزير نظام الملك (وزير الدولة السلجوقية) وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالى كبار العلماء فى مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله وتلقوه بالتعظيم والتبجيل، وكان له عظيم الأثر فى نشر المذهب الشافعى الفقهى، والعقيدة الأشعرية السنّية، وقام بالتدريس فى المدرسة النظامية فى بغداد، فى 1091 حتى أُعجب به الناس لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه وقوة حجته، حتى اتسعت شهرته وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ «الإمام» لمكانته العالية، ولقّبه نظام الملك بـ«زين الدين» و«شرف الأئمة» وكان يدرّس لأكثر من 300 طالب فى الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه وحضر مجالسه الأئمة الكبار.
وألّف كتابه «مقاصد الفلاسفة» يبيّن فيه منهج الفلاسفة، ثمّ نقده بكتابه «تهافت الفلاسفة» مهاجماً الفلسفة ومبيّناً تهافت منهجهم، ثمّ تصدّى للفكر الباطنى (وهم الإسماعيلية) الذى كان منتشراً فى وقته وواصل الردّ عليهم فى كتب «فضائح الباطنية» و«حجّة الحق» و«قواصم الباطنية»، وكان كتاب «إحياء علوم الدين» أحد أهم الكتب التى ورّثها الغزّالى وبحسب عباس محمود العقاد، فإن الغزالى يُعدّ فى كثير من نظرياته النفسيّة والتربوية والاجتماعية، صاحب فلسفة متميّزة.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع