بقلم : ماهر حسن
أعاد خبر رحيل الناقد والأكاديمى والقاص والروائى الدكتور سيد البحراوى، عن دنيانا مساء السبت شريط ذكريات خاطفاً، والسيد البحراوى لمن لا يعرفه هو واحد من أهم النقاد ليس فى مصر والعالم العربى، وأستاذ الأدب العربى الحديث والنقد بكلية الآداب جامعة القاهرة، قسم اللغة العربية، وهو ناقد وأكاديمى وأديب وعمل فى جامعة ليون الثانية بفرنسا، وتولى الإشراف على عشرات الرسائل العلمية فى مصر وخارجها، كما أن له العديد من الأعمال النقدية والإبداعية التى تعد من أهم المراجع الأكاديمية، بجانب عدد من الأعمال الأدبية ما بين رواية وقصص قصيرة وروايات قصيرة، ويعد البحراوى نموذجا للمثقف العضوى الذى ترتبط اهتماماته وكتاباته بهموم الشارع وقضاياه، بل كان يعزز هذا بدور عملى على أرض الواقع، فهو ناشط سياسى أيضا ولم ينفصل فى كل كتاباته عن مجتمعه.
ومما أذكره أنه ربطتنى به علاقة مباشرة فور هبوطى القاهرة أوائل الثمانينيات وسرعان ما صارت علاقة صداقة قوية فكنت أعرض عليه قصائدى وكان يراجع إيقاعها وكلماتها وموضوعها وأذكر أنه نصحنى بقراءة كتاب الدكتور والعالم الراحل والمترجم والشاعر أيضا الدكتور أحمد مستجير عن العروض الشعرى بالأرقام، بل وعرفنى عليه بشكل شخصى حتى إننى أجريت مع الدكتور مستجير أكثر من حوار، ومما أذكره للراحل الجميل سيد البحراوى أنه كان وراء انضمامى لعضويتى اتحاد الكتاب وأتيليه القاهرة ومعه الدكتور مدحت الجيار متعه الله بالصحة ومن خلال الدكتور البحراوى دخلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، وحظيت بحضور اجتماعاتها ووجدت نفسى بين قامات صحفية وفكرية وسياسية وأدبية كبيرة وهم الدكتورة لطيفة الزيات والدكتور عبدالعظيم أنيس ورضوى عاشور وفريدة النقاش والخبير والباحث فى الشؤون الأفريقية منذ عهد عبدالناصر حلمى شعراوى.
ومن المدهش أن البحراوى فعل نثرا ما فعله الشاعر أمل دنقل شعرا، فمثلما أثمرت تجربة المرض لدى أمل دنقل ديوانه الرائع «أوراق الغرفة 8» فإن البحراوى حينما علم بمرضه وثق لهذه التجربة بما يشبه السيرة الذاتية وكانت رحلته مع المرض هو الهم الرئيسى فيها، وقد أمضى عاما يوثق لهذه الرحلة وجاءت تحت عنوان «فى مديح الألم» ولعلى أجدد الدعوة للنخبة والعامة لإعادة قراءة الآثار الأدبية للبحراوى ومنها «صباح وشتاء» و«طُرق متقاطعة» و«شجرة أمى» ورواية «ليل مدريد» و«الإيقاع فى شعر السياب» و«فى النقد العربى الحديث»و«الحداثة التابعة فى الثقافة المصرية» والبحث عن لؤلؤة المستحيل، فمن خلال هذه المؤلفات نقف على تفاصيل السيرة والمسيرة والعطاء لإنسان عاش توافقا بين قناعاته الوطنية والعلمية دون فصام بين ما يقول أوما يكتب وبين ما يفعله.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع