توقيت القاهرة المحلي 10:31:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة حكومية

  مصر اليوم -

توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة حكومية

بقلم : ماهر حسن

هناك كتاب جميل يفيض بالحكى والسرد باللغة العامية صادر عن دار نهضة، وهو للفنانة والإعلامية إسعاد يونس، بعنوان «زى ما بقولك كده - الجزء الثانى».. جاء فيه أن مفيدة هى أول محامية مصرية، وأختها توحيدة عبدالرحمن أول طبيبة فى الحكومة المصرية، وثانى طبيبة مصرية بعد الدكتورة هيلانا سيداروس، ونتفق مع ما جاء فى هذا الكتاب، لكن ما يتعين التحقق منه هو أن نؤكد من هى المحامية الرائدة الأسبق.. هل هى نعيمة الأيوبى أم مفيدة عبدالرحمن؟!.

وهناك كتاب آخر بعنوان «الدكتورة» للكاتب مؤمن المحمدى، وتكشف فصوله عن جانب كبير من التجميع والتوثيق الذى قام به الابن محمد محمود عبداللطيف لتسجيل سيرة والدته الدكتورة توحيدة عبدالرحمن، من خلال ما عاشه معها من ذكريات: عن الدكتورة توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة يتم توظيفها فى الحكومة المصرية، وفيه أنها ولدت عام 1906، وفى عام 1922 سافرت للدراسة فى بريطانيا وعمرها 16 عاماً، ضمن بعثة تعليمية تضم 6 فتيات، وعادت فى عام 1932، وأصرت على الاهتمام بالفقراء والعمل فى المستشفيات الحكومية، وبالفعل تم تعيينها بعد عودتها بأيام فى مستشفى كتشنر الخيرى (المستشفى العام بشبرا)، وبذلك تعد أول مصرية تلتحق بالجهاز الحكومى، ثم استقالت عام 1952 لكى تتفرغ لأسرتها وأبنائها.. ورحلت عن دنيانا فى 10 سبتمبر 1974.

وكان المؤرخ الفنى والكاتب الصحفى والمسرحى أيمن الحكيم قد كتب موضوعا شاملا وغنيا بالتفاصيل الدرامية عن سيرة ومسيرة توحيدة عبدالرحمن، قال تعبيرا كان فى محله، وهو «أن سيرة هذه الطبيبة - لثرائها - تصلح لأن تكون عملا دراميا جاذبا غنيا بالتفاصيل الإنسانية، كقدوة ريادية ونموذج على التحدى والاستنارة السابقة لعصرها».

وكان عبدالرحمن أفندى، والد مفيدة وتوحيدة، موظفا فى هيئة المساحة، يسكن فى حى الدرب الأحمر فى بيت يملكه بجوار مسجد السيدة فاطمة النبوية، كان من طبقة الأفنديات التى بنيت عليها الطبقة المتوسطة بمصر فيما بعد، واشتهر بجمال خطه، فنسخ المصحف الشريف ١٨ مرة بالرسم العثمانى، ومرة بالرسم المغربى، ثم قرر أن يشترى مطبعة على نفقته لطباعة المصحف وتيسير انتشاره، وكانت توحيدة قد نجحت بتفوق فى البكالوريا عام ١٩٢٢، فرشحتها مس كارتر، ناظرة المدرسة السنية، لدخول المسابقة التى أعلنت عنها الحكومة المصرية لاختيار ست طالبات متفوقات لإرسالهن فى بعثة إلى بريطانيا لدراسة الطب برعاية ملك مصر فؤاد الأول، وكانت توحيدة من بين الفائزات الست بالبعثة. وفى لندن أثبتت توحيدة كباقى قريناتها تفوقا ملحوظا فى دراستها، ولم يعترض والدها على بقائها فى الخارج لعشر سنين، بل شجع ابنته على السفر، وذهب معها إلى بورسعيد لتحملها السفينة إلى بريطانيا العظمى، وطلب منها وهو يودعها أن تخلع اليشمك «الزى المميز للمصريات فى ذلك الزمان»، وترتدى الملابس على الطريقة الأوروبية حتى لا تبدو شاذة فى المجتمع الإنجليزى، ولا يعاملونها باستهانة وبنظرة دونية.

إذاً فقد كانت هناك ٦ بنات مصريات فى أول بعثة نسائية توفدها الحكومة المصرية: ٥ مسلمات ومسيحية، وقد حرصت توحيدة على تسجيل يومياتها طوال فترة بعثتها. وفى صيف ١٩٣٢ عادت بعد عشر سنوات فى لندن حاملة شهادة الدكتوراة فى الطب، وكان ذلك حدثا فى وقتها اهتمت به الصحافة المصرية، فنشرت مجلة «اللطائف المصورة» فى ٦ أغسطس ١٩٣٢ الخبر الآتى: «وردت الأنباء التلغرافية بأن الآنسة توحيدة عبدالرحمن اجتازت امتحان الدكتوراة فى الطب من إنجلترا وفازت بهذه الشهادة العالية، وبذلك أصبحت ثانى آنسة مصرية تحوزها بعد هيلانا سيداروس، زميلتها فى البعثة، والتى عادت قبلها بأسابيع».. ولدى أيمن الحكيم نقف على تفاصيل أخرى، منها أن عبدالرحمن أفندى واحتفاء بابنته التى شرفته قرر أن يشترى لها شقة فى شارع عدلى بوسط البلد، لتحولها إلى عيادة تستقبل فيها زبائنها من المرضى، لكنها فضلت أن تعالج المرضى دون أجر والتحقت بأحد المستشفيات الحكومية لتعالج المرضى بالمجان، وتم تعيينها فى «مستشفى كتشنر الخيرى»، الذى أصبح فيما بعد «مستشفى شبرا العام»، فكانت بذلك أول طبيبة فى الحكومة المصرية وثانى مصرية تحصل على درجة الدكتوراة فى الطب بعد زميلتها هيلانا سيداروس.. وكانت توحيدة قد تزوجت من قاضى «السيارة الجيب» فى ١٩٥١، وكان عضو اليمين فى المحكمة التى حكمت بالإدانة على عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان، كما كشفت عن جرائم تنظيمها المسلح، وبسببها قررت الجماعة الانتقام من القاضى الجليل وحاولت اغتياله بإطلاق الرصاص عليه فى فيلته بالمعادى، وتصوروا أن الشخص الجالس وراء الشباك هو هدفهم، لكن المستشار محمود عبداللطيف كان وقتها فى الصعيد فى مهمة قضائية، ولم يكن بالفيلا سوى زوجته الدكتورة توحيدة التى نجت من موت محقق، كما كان عضوا فى المحكمة فى قضية الجاسوسية الكبرى فى ١٩٥٦، حيث جرى الكشف عن شبكة مخابرات بريطانية والقبض على أعضائها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة حكومية توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة حكومية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon