بقلم - حسن المستكاوي
بأقل عدد من الهجمات سجل منتخب فرنسا أربعة أهداف فى مرمى الكروات، وتوج بطلا لكأس العالم. وقد كانت هجمات الفريق الفرنسى عاصفة، كأنها تنذر بعاصفة أمطار رعدية قادمة على روسيا. ولم يمنع تدفق المياه أعضاء منتخب فرنسا من الاحتفال، بل واستخدام الأمطار فى أداء انزلاقات الفرحة، وفى الوقت نفسه وقف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وبجواره الرئيسة الكرواتية كوليندا جرابار كيتاروفيتش، تحت الأمطار لتغرقهما المياه، بينما بدا الرئيس فلاديمير بوتين وحده جافا، بفضل المظلة التى حملها أحد رجال الحرس الخاص، لتتناول الصحف الإنجليزية مشهد الرجل ذو المظلة، الذى يحمى الرئيس الروسى من المياه بالتندر مع بعض الإشارات السياسية، ولتنتشر فى مواقع التواصل الاجتماعى تغريدات السخرية، مثل: «بوتين أولا».. أو «بوتين فقط هو المصنوع من السكر» وذلك على أساس الحرص الشديد بعدم تعرضه للبلل حتى لا يتعرض للذوبان!.
** كثيرون رأوا أداء الفريق الفرنسى جافا، ودفاعيا، والبعض وصف فوز الديوك بالكأس بأنه مسألة حظ وليست كفاءة لعب. ولكن الحظ يذهب لمن يلعب غالبا، ولمن يجتهد غالبا.. وحين تحتسب ضربة جزاء ضد فريق فهذا لا يعنى لعبة حظ، فتلك عقوبة ينص عليها قانون كرة القدم مثل عقوبات أخرى قد تسفر عن أهداف. ثم إن الدفاع كان أسلوبا وسياسة فى مونديال روسيا، وفى الوقت نفسه من موقف الدفاع تشن الفرق هجمات مرتدة شديدة السرعة. وبالدفاع صمد منتخب فرنسا أمام استحواذ كرواتيا وسيطرتها على الكرة، إلا أن السيطرة تحطمت أمام الصندوق الفرنسى.. وربما كانت أبرز أحداث المباراة النهائية التى انتهت بفوز فرنسا 4/2 تلك الأخطاء التى وقع فيها بعض اللاعبين ومنهم وأولهم لوريس حارس مرمى فرنسا الذى أراد أن يراوغ ماندزوكيتش أمام المرمى فضغط عليه وخطف الكرة وسجل.. ليكون ذلك درسا لحراس المرمى جميعا حين يصيبهم الغرور!.
** انتزعت كرواتيا الإعجاب بنضالها، وروحها، بعد أن لعبت 735 دقيقة، بسبب الوقت الإضافى فى بعض المباريات، وتمنى كثيرون أيضا انتصارها، ليسجل فى كتاب المونديال اسم بطل جديد، من دولة صغيرة فى مساحتها وفى عدد سكانها، وهو تعاطف طبيعى وإنسانى، فالجماهير فى مختلف المدرجات تقف بجوار الفريق الأضعف، خاصة حين يكون أداء المنافس غير كامل المتعة نتيجة الحرص والدفاع. والواقع أنه بقدر التعاطف مع كرواتيا، ففى النهاية إستحق الفرنسيون الكأس بنتائجهم وبتجربتهم فى إعداد فريق شاب جمع بين المهارات والسرعات وبعض الخبرات، وهو أصغر فريق يمثل فرنسا فى كأس العالم.. وكان ضمن صفوفه لاعبا يبدو طفلا وهو يعدو ويسابق خصومه، ويبتسم ويضحك، حين يسبقهم، ويلدغهم يدعى كيليان مبابى ويتوقع أن يكون نجم النجوم فى الكرة الأوروبية!.
** طويت صفحة البهجة والمتعة، وربحت روسيا من تنظيم كأس العالم، ربحت ماديا، وسياحيا وسياسيا. وتعرف أكثر من ثلاثة ملايين زائر على بلد يبدو شوارعه كمتاحف تحمل عبق التاريخ. وكان المشهد الأخير شاهدا على شعبية وجمال كرة القدم، التى يرتقى فيها الصراع إلى أقصى الحدود، وينتهى فور انتهاء زمن المباراة، فيتصافح الفائز والمهزوم، ويحتفى المهزوم بالفائز، ويواسى الفائز المهزوم، وكلها مشاهد رياضية وإنسانية تؤكد أن الرياضة رسالة سلام ومحبة، أو يجب أن تكون..!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع