بقلم - عادل نعمان
وسنظل دومًا نصحح مغالطات تيار الإسلام السياسى، ونصوّب ادعاءاته وبهتانه وتجنيه على الحقيقة، فمنع العباءة فى المدارس الابتدائية والثانوية فى فرنسا ليس حربا على الإسلام كما زعموا، بل هو استكمالٌ لمنع كل المظاهر والشارات والعلامات الدينية التى تجِدّ وتستحدث فى المدارس الحكومية.. والحكاية أن فرنسا تمنع ارتداء الرموز والملابس والتمائم التى تظهر الانتماء الدينى فى المدارس الابتدائية والثانوية الحكومية (القانون 2004- 228 فى 15 مارس عام 2004 واعتمده جاك شيراك).. والقانون لا يذكر هذه الرموز بالتفصيل، ويعتمد على كل الأشكال والصور والسمت الدينى المكتسب والمستحدث. وترى الأجهزة خطورةً منه على فرض التمييز أو التعصب فى المدارس أو مخالفة مبادئ العلمانية، وهو موجه بالقطع ضد كل الرموز والأشكال الدينية وليس ضد دين معين، وحين رأت الدولة أن العباءة شكل دينى مفروض على الهوية الإسلامية، منعته كما منعت غيره من الرموز الدينية الأخرى، وقامت دنيا التيار الدينى ولم تقعد.. وهو أمر فيه مغالطة شديدة، ورحم الله الشيخ طنطاوى شيخ الأزهر الأسبق، حين أوصى المسلم باحترام قانون ونظام دول المهجر، أو يعود إلى موطنه فيزداد بركة على بركة، ويحيا كما يحب ويرضى، ويترك بلاد الكفر للكافرين!.
ولأن هذا القانون خاص بالمدارس الحكومية فقط، فقد قرر البعض من أولياء أمور التلاميذ المسيحيين واليهود والمسلمين نقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة حين لم يوافق هواهم أو رغباتهم فى يسر وهدوء، دون اجتراء على النظام أو تمرد على الدستور أو معاداة لقانون الدولة.
وزير التعليم فى مصر أصدر قرارا بمنع النقاب فى المدارس، وأكد الوزير أن غطاء الشعر «الحجاب» للبنات اختيارى، وألا يحجب وجهها، وشددت الوزارة على أن يكون غطاء الرأس باختيار الطالبة ورغبتها، وليست مجبرة أو مرغمة على ذلك، وأن يكون ولى الأمر على علم بهذا.. وأهمس فى أذن السيد وزير التربية والتعليم: إن المدارس فى ريف مصر تجبر البنات على الحجاب، ولست على ثقة بأن البنات فى مدارسنا لهن الحق فى قبول أو رفض هذا الغطاء، فهم مجبرات ومرغمات يا سيدى عليه، إما من المدرسة، أو ولى الأمر، أو هذا الجبر الجمعى فى شوارعنا.. بالضبط كما أفتى أكثر المشايخ بجواز زواجها دون استئذانها إن كانت لم تبلغ بعد.
فريق من السلفية «حزب النور» قرر رفع الأمر للقضاء، واعتبار النقاب حرية شخصية.. وهذا عهدنا بهذا الحزب، فلاصوت له يعلو إلا فى الحجاب والنقاب، فهما شاغله الشاغل دون النظر إلى درء المفسدة من وراء هذا النقاب حتى لو كانت له مصلحة.. وأشك تماما أن وراء هذا النقاب مصلحة تُذكر، اللهم تصعيد التواجد السلفى فى الشارع، والتباهى بالسيطرة على عقول الأمة، وتقديم أنفسهم للعالم على أن الريادة والقيادة والهيمنة فى أيديهم وركابهم أينما ذهبوا، فيركن المجتمع إليهم ظنا منه أن مقادير الأمور بأيدهم، والتوازن المجتمعى الذى تبحث عنه أى قيادة فى يمينه،م والنصف الآخر فى شمال باقى التيارات، وهى مغالطة وأكذوبة تنتهى فى اليوم التالى لنجاح النمو الاقتصادى وزيادة دخول الناس وتخفيض الأسعار ومعدلات البطالة، عندها فقط لن يكون لهذا التيار أو غيره بديل أيديولوجى على الإطلاق.
وكم كنت أتمنى أن يشمل هذا القرار المشرفات والمدرسات وكل العاملات فى حقل التربية والتعليم!.. وكُنَّ هن الأَولى بهذا القرار، بل وأزيد سقف طموحنا: وفى الأماكن العامة والمستشفيات والمصالح الحكومية والجامعات وأثناء قيادة السيارات؛ حمايةً للمجتمع وتأمينًاُ لمقدرات وأرواح الناس.. فليس من المعقول أن تتعامل ممرضة منتقبة داخل مستشفى وتمارس إسعاف مريض أو تجهيزه لغرفة العمليات أو إجراء التحاليل والكشوفات اللازمة دون تواصل ظاهر مع المريض، ولا يمكن أن تتواصل المنتقبة مع تلاميذ المدارس فى الشرح والتدريس، ويستحيل أن نأمن على أطفالنا فى الحضانة إن كان بين صفوف المشرفات أو العاملات منتقبات.. ودعنى أسأل أحد اعضاء حزب النور: ماذا لو اختفى طفل رضيع فى حضانة فى وجود «منتقب» قد تخفى فى لباس امرأة منتقبة، وكان من أحفادك أو أحفاد أحد من سلفى حزبكم الميمون؟.
أما وإن كان أمر النقاب مهمًّا على الرغم من إنكاره من كل علماء المسلمين وفقهائه ومذاهبه، عدا قلة من الحنابلة، وهذا ما صرح به شيخ الأزهر «فقد اعتبره عادة وليس عبادة، وليس فرضا وليس سنة، ولا ثواب لمن ترتديه ولا إثم على من تتركه».. فإذا كان الأمر كذلك فلتسمع كل المنتقبات رأى شيخ إسلامهن بن تيمية: «على المرأة المسلمة أن تلزم بيتها ولا تخرج منه حتى للعبادة»، فمن رأت منكن الصلاح فى هذا الرأى تلزم البيت وتقر فيه، لا تخرج منه إلا للضرورة القصوى.. وهذا أجدى وأنفع للجميع.
«الدولة المدنية هى الحل