توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التأويل بين المذاهب والفرق والمصالح أيضًا

  مصر اليوم -

التأويل بين المذاهب والفرق والمصالح أيضًا

بقلم - عادل نعمان

والتأويل كما ذكرنا فى مقالنا السابق هو: «العودة بالنص إلى مآلاته المتجددة، وكشف أسراره ومخابئه وغاياته ومنتهاه، وخلق معانٍ جديدة غير مألوفة.. وذلك بدليل وبرهان».

والتأويل مرهون بزمن التنزيل وظروفه وأحداثه والمعنى التاريخى للفظ «وليس الاصطلاحى المستحدث». وهو أيضا يدور مع فكر الفرق الإسلامية ومآلاتها ومنتهاها.

التأويل عند «المعتزلة» مثلا مرهون بقبول العقل للتأويل، فهو المخاطب وهو المقدم على النص، والمنوط به الحكم والتكليف، ويمكن أن نطلق عليه «منهج التأويل العقلى»، إلا أن الأشاعرة وأهل السنة والجماعة يدور التأويل لديهم حول المتكلم والمتفوه فقط «صفاته»، ويمكن أن نطلق عليه «التأويل الوصفى أو اللفظى»، ويدور مع عموم اللفظ.

والشيعة ركزوا تمامًا فى التأويل على الولاية والقداسة للعترة والأئمة وآل البيت، فداروا جميعا بالنص حولها، وأخذوه حيث أرادوا، ويمكن أن نطلق عليه «تأويل الولاية».. ولو أردنا أن نزيدكم من الشعر بيتًا، فهؤلاء الذين غزوا وأغاروا على خلق الله لمصالحهم الشخصية قد أخذوا التأويل أيضا إلى مناطق الحروب والجهاد. والجميع يؤصل لفكرته ومنهجه تأصيلا فقهيا.

ولو أردنا أن نستشهد بالتأويل عند أهل الشيعة، فهذه بعض الامثلة، قال تعالى: «مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان. فبأى آلاء ربكما تكذبان. يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان».. قالوا فى التأويل عن البحرين هما «على وفاطمة»، واللؤلؤ والمرجان هما «الحسن والحسين»، وكذلك الآية «وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ».

فكان تأويلهم لهذا الساعى إلى الإفساد هو معاوية بن أبى سفيان، فلا ينسى الشيعة ما فعله معاوية فى «على والحسن»، وما فعله يزيد بن معاوية فى «الحسين» وآل بيت النبوة، وكذلك الآية «وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ»، فكان التأويل انتقال روح النبوة إلى على وأولاده، وكذلك الآية «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا» فكان تأويل الولى هو الإمام على بن أبى طالب.. هكذا كان التأويل يخدم انحياز الشيعة لعصمة وإمامة علىّ وذريته.

أما عن التأويل الأيديولوجى «الفكرى أو المذهبى»، فلنا فيه عدة أمثلة توضح كيف يمكن سحب التأويل لخدمة الأيديولوجية الفكرية، منها مثلا الآية «إلى ربها ناظرة» فإن أهل السنة والجماعة والشيعة يقرون برؤية الله عيانا يوم القيامة استنادا إلى لفظ «ناظرة»، كما جاء وصفه «التأويل اللفظى أو الوصفى».. إلا أن المعتزلة ينفون رؤية الله يوم القيامة اعتمادا على الآية «لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».

فإن الله يدرِك ولا يدرَك، وكذلك الآية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» وهم أصحاب فكرة التنزيه (تنزيه الله عن صفات البشر) حتى لو كان اللفظ على ذات المعنى، فإن الإنسان يبصر وكذلك الله، إلا أن بصر الإنسان ليس كبصر الله، تماشيا مع الآية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»، وهو مبدأ معتزلى، يرى النزول والسمع والبصر والاستواء صفات معنوية وليست صفات مادية «التأويل العقلى».. أما الأشاعرة فيرون أنها صفات حرفية ووصف لله كما نزلت.

أما كيف ألزم الكثير من المفسرين والمتأولين عموم المسلمين بأحكام خاصة وأحداث معينة بذاتها، فهذا مربط الفرس، وذلك تحت دعاوى «عموم اللفظ وليس خصوص السبب»، وهم أصحاب الرأى القائل بأن الحكم المنصوص عليه فى القرآن ملزم لعموم المسلمين حتى لو كان هذا الحكم خاصا بشخص أو بجماعة أو حتى نساء النبى، فإن كان حكما خاصا وفى زمن محدد بعينه، يلتزم به كل المسلمين فى كل الأوقات.

وتعالوا إلى آية القتال وكيف كان تأويلها تارة فى صف المسالمين وأخرى فى صف المقاتلين الآية «كتب عليكم القتال وهو كره لكم»، وننتبه قليلًا هنا «فقد اختلفوا حول» المكلف بالقتال «وكذلك» المقصود بالمقاتلة، «فمنهم من يرى أن المكلفين بالقتال هم صحابة رسول الله دون غيرهم، والمقصود بالمقاتلة هم المشركون حينئذ، وقد تم حصر المكلف (بالقتال) والمقصود (بالمقاتلة) فى زمن محدد وهو زمن التنزيل وصدور الحكم لا يتعداه لغيرهما، وهو أمر خاص وليس عامًا لعموم المسلمين.

وأما غيرهم من الفقهاء ودهاة السياسة وأصحاب المصالح والغايات والهوى ومنافع الدنيا، فإنهم مؤيدون لفكرة أن المكلف بالقتال هم عموم المسلمين حتى قيام الساعة، وكذلك المقصود بالمقاتلة هم أهل الشرك والكفر حيثما وأينما وجدوا حتى قيام الساعة أيضا، حتى ولو لم يبدأوا المسلمين بقتال.. وهذا هو المأزق الذى وضعنا فيه أصحاب مطلق اللفظ «التأويل اللفظى» أن يظل المسلم فى حالة قتال مع أهل الشرك والكفر مادام وجد الشرك والكفر.

إلا إذا كان المسلم فى بلد هو فيه مستضعف، فعليه العمل بآيات الموادعة والمصالحة «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ».. حتى إذا اشتد عوده وقويت شوكته، فعليه العمل بآيات السيف والقتال، وهذا هو الأصل فى التعامل مع أهل الشرك والكفر.. ولو كان «التأويل» خاصا بفترة التنزيل، لكنّا فى نعمة السلامة مع الجميع، وفزنا وفازوا، ونجونا ونجوا.

وللحديث بقية..

«الدولة المدنية هى الحل»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأويل بين المذاهب والفرق والمصالح أيضًا التأويل بين المذاهب والفرق والمصالح أيضًا



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon