توقيت القاهرة المحلي 15:59:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

.. والكاذب تفضحه عيونه.. «عن كل الحشاشين»

  مصر اليوم -

 والكاذب تفضحه عيونه «عن كل الحشاشين»

بقلم - عادل نعمان

ومع الاعتذار «للصب تفضحه عيونه»، العشق تفضحه عيون العشاق، فإن الكذب تفضحه عيون مَن أملى ومَن كتب، ومَن أبطن الصدق ومَن أبطن الكذب، فلم أجد مشهدًا عبقريًّا عرّى وكشف ستر الاختلاق والتدليس والافتراء على الله، كما صوره ثنائى الحشاشين «حسن الصباح وتابعه برزق» حين هَمَّ كل منهما باستنطاق صاحبه على ما يُظهره أولهما من التضليل، وما يُبطنه ثانيهما من التكذيب، في مشهد المواجهة بين «حسن الصباح»، الشاهد الأوحد على إمامة وملائكية ابنه «المهدى»، وتابعه «برزق» المخادع، حين جاء يبشر سيده «حسن الصباح» بعلو مكانة الهادى وترقيه إلى السماء، تحفه الملائكة في صعوده إلى العلا، تُخفيه عن أعين الجن والشياطين في سرداب إلهى حتى ظهوره المرتقب، منقذًا وهاديًا ونصيرًا، يقيم ميزان العدل بين البشر ويحملهم إلى جنات عرضها السماوات والأرض، وهو قتيله وصريعه كما يبدو، ولسان حال الصباح يقول «انقلب السحر على الساحر»، أما برزق فإن لسان عينه يقول: «كذب الساحر وصدق المسحور».

ولا أتصور إلا أن يكون أمر الكذب والتدليس هذا موضوعًا عن الأتقياء والأولياء والصالحين لمصلحة ومغنم ومكسب للتابعين، فإن التدجيل والتزوير يصبحان حقيقة وصدقًا عند الأتباع والمريدين والمنتسبين، وترفعهما الأجيال المتعاقبة إلى مراتب التقديس والإيمان، ومَن سلم منهما فإنه يدعهما وشأنهما على ألسنة العامة، فلا يقترب منهما ولا يبتعد عنهما. إلا أن للمعتزلة شأنًا آخر في هذه الكرامات «خوارق العادات»، فهم لا ينكرون معجزات الأنبياء، بل ينكرون كل الخوارق وكرامات الأولياء، مخافة اختلاطها بمعجزة الأنبياء، فتفقد معجزات الأنبياء دلالاتها وقوتها وصدقها، هذا عند المعتزلة القدامى، أما المعتزلة المحدثون «العقلانيون» فهم ينكرون كل ما يخالف العقل سواء عن نبى أو ملك أو ولى، ويعتبرون ما جاء به الرسول عن الله هو القرآن الذي بين أيدينا الآن، معجزة الله في خلقه، والأشاعرة يقرون بكل أنواع الخوارق والكرامات للأنبياء والأولياء. يقول الجوينى: «فالذى صار إليه أهل الحق جواز انخراق العادات في حق الأولياء، وأطبقت المعتزلة على منع ذلك»، وأطبق أي أغلق، «ومعناها أنكرها».

أما عن الصوفية فإن الأمر مستفحل أكبر ما يكون الاستفحال، أغرقوا الكرامات في بحور الخرافات والأباطيل، وخالفوا العقل مخالفات جسيمة تحت عناوين شتى، منها الكشف والإلهام والتجلى والترقى، فكل مؤمن تقى هو ولى الله، والأنبياء أتقياء وسادتهم، والولاية مرتبة من مراتب القرب من الله، ومَن اقترب بلغ الغاية وخضع له الكون وقوانينه، وجرَت على يديه الكرامات والخوارق، وتجول في ملكوت الله دون حاجز أو مانع، فلا تقف معجزة «الهادى نجل الصباح»، الذي رُفع إلى السماء لحظة للمراجعة عند أهل التصوف، إلا لأنها عن مذهب من مذاهب أهل الشيعة، غير هذا فإنها صادقة ومصدقة ومثبتة دون برهان أو دليل. خذ بعضها: في جامع كرامات النبهانى أن «مجذوبًا» من أولياء الله تبعته جماعة من الصبيان، يستهزئون به ويتضاحكون عليه، فلما ضاق بهم، نادى ملك الموت، وهدده وقال له يا عزرائيل: إن لم تقبض أرواحهم لأعزلنك من ديوان الملائكة!!، قال: فأصبحوا موتى جميعهم. ومن نفس الجامع للنبهانى: أن أحد الأولياء مكث أربعين سنة لا يأكل ولا يشرب ولم يدخل حمامًا قط. أما هذا الولى في نفس كتاب الجامع، فقد توضأ ونام أربعين سنة، ثم نهض وصلى على وضوئه، والحكايات والخوارق كثيرة تتوارى خجلًا أمام هذا «الهادى» بن الصباح.

وتظل الكرامات والخوارق والمعجزات حبيسة التاريخ والكتب، لم تصادف تاريخنا الحديث منها كرامة واحدة أو خارقة نتشبث بها ونستدل عليها ونتباهى بها، اللهم إلا ما نسمعه ونقرؤه من المرويات والإخباريات، من أهل الشيعة وأهل السنة على السواء، والتى لا ترتقى للعقل ولا تصل إلى ركبتيه، ولسنا بمطالَبين بالتصديق أو الإقرار، وليس من حق أحد أن يخترق عقولنا ويبث فيها أحاديث الإفك هذه، كهذا الولى الذي كان يراسل ويضاجع زوجته من مسافة ألف وثمانمائة كيلومتر، وكانت تحبل، حتى لو كان الراوى وليًّا منقولًا عن ألف ولى.

وتظل لعبة حسن الصباح، حامل مفتاح الجنة، وسيد الحشاشين اليوم وغدًا، أكذوبة سياسية، وستظل هذه الكرامات وهذه الخوارق أكاذيب واختلاقات وافتراءات على الله لخدمة مصالحهم والوصول إلى الحكم وتغييب عقل الأمة قديمهم وحديثهم سنى وشيعى، وهابى وسلفى وإخوانى، وهم جميعًا في واحد.. «الدولة المدنية هي الحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 والكاذب تفضحه عيونه «عن كل الحشاشين»  والكاذب تفضحه عيونه «عن كل الحشاشين»



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon