بقلم - عادل نعمان
ولأن المواطن المسلم عليه الانصهار فى الجماعة، يذوب ويدوب حتى الثمالة، لا يتخذ قرارًا خاصًّا، مطيع يسير مع القطيع الطائفى والقبلى، يعلو صوته إذا علا صوتها ويتلاشى إذا تلاشى صوتها، يردد ما يلقنه مشايخه، وتطارده جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إذا تجاوز فى لباسه وحركاته وسكناته أو قصر فى عباداته وصلاته، أو تفوه بما لم يتفوه به الأئمة والفقهاء، قل ولا تقل، كل ولا تأكل.
عن تصويب دين أخيه المسلم وتصحيحه وتقويمه، حتى لو وصل الأمر لاستخدام يديه بعد لسانه، وقرينه مسؤول أيضًا عنه ولو كان من آحاد الناس، أو أقل شأنًا وعلمًا وقيمة، حتى يستقيم الخارج عن الجماعة داخل القطيع فيسير كما قُدر له، مسلوب الإرادة فاقد التمييز والاختيار مدفوعًا إلى التسليم والتواكل والكسل ورد كل الأمور إلى القضاء والقدر دون فصل أو بحث عن الأسباب، بل يصل الأمر إلى تقويم أصحاب الأديان الأخرى وتعديل مسار دياناتهم، وهذا هو الإكراه على الحق بالقوة، وهذا ما أفتى به مشايخ السلفية.
ولا يقف أمر المواطن المسلم حال وجوده فى دولته المسلمة فقط، بل هو مأمور بأن يسعى نفس السعى حين يعيش غريبًا فى دولة غريبة، وعليه ألا يبنى علاقاته فى دولة المهجر على المودة والسلام، أو يحافظ على التواصل الإنسانى والتبادل المعرفى، لكنه مأمور بأن يبغض ويكره هؤلاء جميعًا حتى لو أحسنوا إليه، بل العزلة وعدم الاختلاط معهم أمر محمود، فلا مودة ولا محبة إلا لمن كان على ملته حتى لو أساء إليه، محكوم صاحبنا بأحكام القبيلة داخل مجتمعات حرة، فالاختلاط فى مدارس المشركين حرام شرعًا.
ومن أسباب الفتنة وثوران الشهوات ومن دواعى الوقوع فى الفواحش، وقبل هذا فإن الترحال إلى بلاد الشرك والمشركين للضرورة القصوى والعودة إلى بلاد الإسلام أمر واجب حين يزول السبب، وعليه أن يعيش منعزلًا متخاصمًا يسد أذنيه وعينيه ويمشى فى شوارع هذه البلاد أعمى وأصم لأن الموسيقى والغناء والمعازف والرقص من أوامر ومكايد الشيطان وتزيينه، وكلها تضعف الإيمان وتصد المسلم عن الصلاة وقراءة القرآن، وتبرج النساء وطيبهن واستطارتهن فى شوارعهم زنا بواح وتهييج لشهوة الرجال وباب من ابواب الشياطين وفاحشة مبينة.
الدولة المدنية قائمة على أساس المواطنة الحرة، وتعدد الأديان والمذاهب والملل والنحل،الكل على مسافة واحدة من القانون،و القانون سيد على الجميع ويضمن الحقوق والواجبات دون نقصان، المساواة بين الجميع فرض وحق تضمنه الدولة بلا خلل أو مساومة، لا فرق بين المواطنين على أساس اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة، ممارسة كافة الحقوق والواجبات بحرية كاملة دون خوف فى حدود القانون، واحترام التعددية الفكرية والثقافية، والتبادل المعرفى والثقافى أساس التقدم، إقامة الشعائر الدينية وطقوسها كاملة حق للجميع دون نقصان أو مساومة، وألا يخضع الفرد فيها لانتهاك حقوقه من شخص آخر أو التعدى على خصوصياته بدافع النصيحة أو التقويم والإصلاح فالسلطة العليا هى سلطة الدولة.
والمواطن عضو فى المجتمع حقوقه مصونة دون اعتبار لدينه أو جنسه او لغته،والاهم من كل هذا عدم خلط الدين بالسياسة واعتبار الدين علاقة شخصية بين الفرد وربه، الدولة الدينية تستمد شرعيتها من دين الأغلبية تفرض شرائعه وأحكامه وطقوسه على الجميع دون اعتبار للأديان الأخرى، أما الدولة المدنية فتستمد شرعيتها من احترام القانون الوضعى المتجدد، خلاصة القول إن الدولة المدنية ركائزها الثابتة: تمثيلها الحر المحايد لإرادة المجتمع، دولة القانون، نظام مدنى يضمن كافة الحريات ويقبل التعددية وقبول الآخر، المواطنة أساس العلاقة داخل المجتمع، والتزمها بالمنهج الديمقراطى الحر الذى يضمن تداول السلطة سلميا.
وحين نقول الدولة المدنية هى الحل فنحن نضمن حرية المواطن واحترامه فى دولة المواطنة، واحترام القانون، وحرية الفكر والمعتقد، واحترام التعددية والأهم تداول السلطة سلميًّا «الدولة المدنية هى الحل».