توقيت القاهرة المحلي 14:11:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العميد.. ومنهج البحث العلمي

  مصر اليوم -

العميد ومنهج البحث العلمي

بقلم - عادل نعمان

والعميد هو عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، ومنهج البحث العلمى كما جاء فى كتابه فى الشعر الجاهلى «أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل خلوًّا تامًّا، والناس جميعًا يعلمون أن هذا هو المنهج الذى سخط عليه أنصار القديم فى الدين والفلسفة يوم ظهر»، ويستكمل العميد «وعلى الباحث أن ينسى عواطفه الدينية والقومية، وأن ينسى ما يضاد هذه العواطف القومية والدينية أيضًا، ويجب ألا يتقيد بشىء ولا يذعن لشىء إلا منهج البحث العلمى الصحيح، ذلك أننا إذا لم ننس هذه العواطف وما يتصل بها فسنضطر إلى المحاباة وإرضاء العواطف، وسنغل عقولنا بما يلائمها، وهل فعل القدماء غير هذا؟ وهل أفسد علم القدماء شىء غير هذا؟ كان القدماء عربًا يتعصبون للعرب، أو كانوا عجمًا يتعصبون على العرب، فلم يبرأ علمهم من الفساد، وكان القدماء مسلمين مخلصين فى حب الإسلام، فأخضعوا كل شىء لهذا الإسلام وحبهم إياه، ولم يعرضوا لمبحث علمى ولا لفصل من فصول الأدب أو لون من ألوان الفن إلا من حيث إنه يؤيد الإسلام ويعززه ويعلى كلمته، فما لاءم هذا مذهبهم أخذوه، وما نافره انصرفوا عنه انصرافًا» انتهى.. يا سيدى العميد طه حسين «وكذلك يفعلون اليوم وغدًا».

وأكاد أجزم أن منهج البحث العلمى هو النجاة من كل مخلفات الماضى، والتخلى عن هذه العصبية القومية والدينية والأهواء السياسية أثناء البحث فإن النتائج تكون أقرب إلى الحقيقة وأجدى وأنفع للمجتمع بديلًا عن هذه الأجواء التى نحياها، وقد كانت وما زالت تحمل جزءًا من الحقيقة وأخريات من الخيال، تضر ولا تنفع، وتبعد ولا تقرب، وتميل ولا تعتدل أبدًا.

وربما يرى البعض أن مجال البحث العلمى له أبوابه وغرفه المغلقة بعيدًا عن كل العامة والكثير من الخاصة، حتى لا تتشتت أفكارهم وتضطرب معتقداتهم وتزيد حيرتهم، وأعتقد أن هذا ليس من الصواب فى أمرنا هذا، لكنه صواب فى المعامل البحثية وميادين البحث التجريبى، فى الطب والهندسة والزراعة وغيرها من هذه العلوم، فليست معروضة على العامة أو حتى الخاصة، ولربما يناقش البعض منا النتائج دون مناقشة الوسائل والسبل، ونقبلها أو نقبل بدائلها إن كان لها بديل آخر، أو نرضخ للنتيجة المتاحة فى حينه، إلا أن الأديان والفلسفة منذ القدم معروضة أبحاثها وخلافاتها ومجادلاتها ومساجلاتها على الملأ، وقد كانت المساجد منارات العلم والبحث والمناظرات، مفتوحة أبوابها لكل من أراد تلقى العلم أو حضور حلبة المناقشات والمجادلات، وإن كان لمشايخنا الآن رأى مخالف للاستئثار بالعلم وقصره عليهم فإنه أمر ليس من الدين، ولأهواء شخصية، فهو حق متاح للجميع، وإياك أن تستبعد العامة من حلبة النقاش فلن يقبلوا النتائج كما يقبلون الدواء، ولن يرفضوا زواج صغيرتهم أو طفلتهم حتى لو أصدرنا لهم مائة قانون وألف عقوبة نجرم فيها هذا، وسيستمرون فى تزويجهم إياها لإيمانهم المطلق بشرعية الزواج، رغم أنف القانون، إلا إذا شاركوا وناقشوا البحث بنفسه منذ بداياته واقتنعوا، والحال الآن شاهد على ما أقوله.

ولست من الذين يضعون قيودًا على البحث، أو الذين يجدون حرجًا فى سؤال، أى سؤال، وهو أمر مفروغ منه الآن، الجميع يتساءلون دون قيود أو محاذير، والتواصل العالمى والثقافى قد عجل بهذا المنهج ووضعه فعلًا موضع التنفيذ، ولا مهرب منه ولا قدرة لأحد أن يبحث للناس عن منطق سواه أو إجابة بعيدة عنه، وليس هذا المنهج العلمى فى البحث ملزمًا فقط للذين يدرسون العلم، بل هو ملزم للجميع العامة والخاصة، الفقير قبل الغنى، والواجب أن نستقبل هذا بمنطق القبول دون نفور أو اتهام أو حجب أو منع أو اتهام أو تحقير.

وكما بدأنا بالعميد ننتهى عنده «وكان القدماء يكذبون كما يكذب المحدثون، وكان القدماء يخطئون كما يخطئ المحدثون، وكان حظ القدماء من الخطأ أعظم من حظ المحدثين؛ لأن العقل لم يبلغ من الرقى فى تلك العصور ما بلغ فى هذا العصر، ولم يستكشف من مناهج البحث العلمى والنقد ما استكشف فى هذا العصر، فإذا أخذنا أنفسنا بأن نقف أمام القدماء موقف الشك والاحتياط فلسنا غلاة ولا مسرفين، وإنما نحن نؤدى لعقولنا حقها، ونؤدى للعلم ما له علينا من دين» انتهى العميد.. ونقول إن هذا المحتوى مقصود به كل من يرفض استخدام المنهج العلمى فى كل مناحى الحياة دينية أو دنيوية، أو يخشى غضبًا أو نفورًا أو تجاهلًا أو إقصاء، فلا سبيل ولا طريق سواه فى الدين والدنيا، وهو أيضًا منهج قرآنى «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ».. الجميع مخاطبون بهذه الآية القدامى والمحدثين، وكل من كان صاحب قرار أو حتى الرقباء، اليوم وغدًا. الدولة المدنية هى الحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العميد ومنهج البحث العلمي العميد ومنهج البحث العلمي



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon