توقيت القاهرة المحلي 17:14:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

بقلم - عادل نعمان

ولا أظن أن منطقة الحسين التاريخية أسعد حظًا من المناطق الأثرية الأخرى، وربما تكون منطقة الحسين هى الأسوأ، لسهولة دخول وخروج آلاف من المتسولين والباعة الجائلين دون حاجز أو مانع، وهم الذين يعكرون صفو الفسحة والزيارة على السائح والزائر، ويقطعون عليه تفكيره وانسجامه، فإما أن يتقدم أحد المتسولين يربت بيده على كتفه يستجديه ويستعطفه فيقطع تواصله، أو يلاحقه أحد الباعة الجائلين ببضاعته ويكسر عليه زوايا الرؤية يمينا ويسارا، فيعكر مزاجه.. ولا تقف المطاردات عند الباعة الجائلين والمتسولين فقط، بل تتجاوزها إلى العاملين فى المحال والكافيهات والمطاعم، وهى مطاردات واعتراضات- فى نظرهم- مشروعة إذا ما غلفت بابتسامة يظنها صاحبها مداعبة، وهى سمجة الأصل، أو يلفها فى غلاف ناعم يظنه لطيف، وهو ردىء المظهر.

ولا أستغرب نفور كثيرٍ من الزوار والسياح من هذه الملاحقات وهذه الاعتراضات، ومغادرتهم المزار.

صديقى من لندن وزوجته يعتبران زيارتهما السنوية إلى منطقة الحسين والعشاء فى أحد المطاعم وتناول براد الشاى الأزرق بالنعناع فى أحد المقاهى التاريخية والاستمتاع بالغناء الأصيل، طقسًا سنويًّا محببًا إلى قلبيهما، لا تكتمل فرحتاهما بلقاء القاهرة السنوى إلا به، متيمان بها، مولعان بتاريخها، لهما فى كل مكان طعم خاص يتذوقه كل الأصدقاء منهما، دعاية متنقلة بين بلدان العالم، يصر صاحبى ورفيقته مهما عانيا فى رحلتهما السنوية إلى القاهرة على أن يكررا جولتهما كل عام فى زيارة سيدنا الحسين وخان الخليلى وشارع المعز ووكالة الغورى، يتحسسان تلك الأماكن ويترفقان بها ويستودعانها فى معية الله للعام القادم.

الغريب أن العام الماضى، على سوئه وقبحه، لم يكن كما كان هذا العام، بل تفوق هذا العام بجدارة وتخطى بنقائصه نقائص العام الماضى، وقبحه زاد عما كنا نحسب ونترقب، فقد زادت أعداد المتسولين عن الماضى، وأضحت الحيل أكثر براعة وذكاء، والباعة الجائلون أصبحوا أكثر التصاقًا وقربًا من السياح بعد بناء هذا الجدار العازل من الحديد حول ساحة المسجد، فحبس الجميع فى شوارع ضيقة، يسارع كل منهما إلى الهروب والملاحقة من الآخر، فلا سلم السائح من المتسولين أو الباعة الجائلين، ولا فاز أحدهما إلا تحت الضغط الشديد ودون رضا أو قبول، وأرجو من المسؤولين زيارة ميدانية لدراسة الحالة على طبيعتها!.

ولا أتصور أيضا أن يحرص أصحاب البلد أنفسهم على زيارة أماكن سياحية تعمّها الفوضى والهرجلة ولا يأمنون فيها على الخدمة ولا يرتاحون إليها، ومطاردون وملاحقون من هؤلاء جميعا.. فما بالك بالسائح!، فلربما لو تذكر هذه العشوائيات لعدل وغيّر وبدّل فى قراره.. ولا أرى أن دولة من الدول تحرص على تنمية وتعظيم مواردها السياحية، ولا تعتمد فى هذا إلا على تاريخها العريق الأصيل دون أن تهتم بصناعة السياحة، وتهيئ المزارات السياحية بما يناسب السائح ويلبى احتياجاته من الأمان وحرية التنقل وممارسة حريته كاملة دون حشر الأنوف فى تصرفاته وسكناته.

هذه صناعة لمن أراد أن يتقنها ويستوعبها، لها أصولها وقواعدها العلمية، من أراد منها خيرا عليه الالتزام بقواعد البناء الصحيح العلمى المدروس، يبدأ عند الأثر التاريخى، وينتهى عند كل مواطن يتعامل مع السائح.. من وقت نزول السائح حتى المغادرة. ويكفى أن نسهو ونتكاسل ونتغافل عن خدمة واحدة فتسقط عند السائح رغبته فى البقاء أو العودة، والأمر ليس بالصعوبة أو المستحيل، بل يكفى أن نتابع احتياجات السائح ورغباته وراحته، وتُفرض فرضًا بالقانون واقتناعًا بالتعليم والبرامج ووسائل البث المختلفة. ولا مانع أن نضم هذه الإرشادات إلى المناهج الدراسية فى المدارس والجامعات، وتشمل زيارة الطلاب إلى الأماكن السياحية فى كل محافظة، نُعلِّمهم فن التعامل مع السائح والتفاعل معه.

لست راضيًا عن سلوك الناس، وغاضب من هذه الملاحقات، وثائر على تهاون وزارة السياحة فى حق تاريخنا والحفاظ عليه.. وقد بُح صوتنا من قبل بأن هذه الأماكن السياحية آن الأوان أن تكون تحت إدارة شركات متخصصة برجال متخصصين دارسين وأمن على مستوى علمى وتربوى مناسب، ومزارات راقية تحترم احتياجات السائح ورغباته.

«الدولة المدنية هى الحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياحة حسينية منقوصة سياحة حسينية منقوصة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon