توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

بقلم - عادل نعمان

ولا أظن أن منطقة الحسين التاريخية أسعد حظًا من المناطق الأثرية الأخرى، وربما تكون منطقة الحسين هى الأسوأ، لسهولة دخول وخروج آلاف من المتسولين والباعة الجائلين دون حاجز أو مانع، وهم الذين يعكرون صفو الفسحة والزيارة على السائح والزائر، ويقطعون عليه تفكيره وانسجامه، فإما أن يتقدم أحد المتسولين يربت بيده على كتفه يستجديه ويستعطفه فيقطع تواصله، أو يلاحقه أحد الباعة الجائلين ببضاعته ويكسر عليه زوايا الرؤية يمينا ويسارا، فيعكر مزاجه.. ولا تقف المطاردات عند الباعة الجائلين والمتسولين فقط، بل تتجاوزها إلى العاملين فى المحال والكافيهات والمطاعم، وهى مطاردات واعتراضات- فى نظرهم- مشروعة إذا ما غلفت بابتسامة يظنها صاحبها مداعبة، وهى سمجة الأصل، أو يلفها فى غلاف ناعم يظنه لطيف، وهو ردىء المظهر.

ولا أستغرب نفور كثيرٍ من الزوار والسياح من هذه الملاحقات وهذه الاعتراضات، ومغادرتهم المزار.

صديقى من لندن وزوجته يعتبران زيارتهما السنوية إلى منطقة الحسين والعشاء فى أحد المطاعم وتناول براد الشاى الأزرق بالنعناع فى أحد المقاهى التاريخية والاستمتاع بالغناء الأصيل، طقسًا سنويًّا محببًا إلى قلبيهما، لا تكتمل فرحتاهما بلقاء القاهرة السنوى إلا به، متيمان بها، مولعان بتاريخها، لهما فى كل مكان طعم خاص يتذوقه كل الأصدقاء منهما، دعاية متنقلة بين بلدان العالم، يصر صاحبى ورفيقته مهما عانيا فى رحلتهما السنوية إلى القاهرة على أن يكررا جولتهما كل عام فى زيارة سيدنا الحسين وخان الخليلى وشارع المعز ووكالة الغورى، يتحسسان تلك الأماكن ويترفقان بها ويستودعانها فى معية الله للعام القادم.

الغريب أن العام الماضى، على سوئه وقبحه، لم يكن كما كان هذا العام، بل تفوق هذا العام بجدارة وتخطى بنقائصه نقائص العام الماضى، وقبحه زاد عما كنا نحسب ونترقب، فقد زادت أعداد المتسولين عن الماضى، وأضحت الحيل أكثر براعة وذكاء، والباعة الجائلون أصبحوا أكثر التصاقًا وقربًا من السياح بعد بناء هذا الجدار العازل من الحديد حول ساحة المسجد، فحبس الجميع فى شوارع ضيقة، يسارع كل منهما إلى الهروب والملاحقة من الآخر، فلا سلم السائح من المتسولين أو الباعة الجائلين، ولا فاز أحدهما إلا تحت الضغط الشديد ودون رضا أو قبول، وأرجو من المسؤولين زيارة ميدانية لدراسة الحالة على طبيعتها!.

ولا أتصور أيضا أن يحرص أصحاب البلد أنفسهم على زيارة أماكن سياحية تعمّها الفوضى والهرجلة ولا يأمنون فيها على الخدمة ولا يرتاحون إليها، ومطاردون وملاحقون من هؤلاء جميعا.. فما بالك بالسائح!، فلربما لو تذكر هذه العشوائيات لعدل وغيّر وبدّل فى قراره.. ولا أرى أن دولة من الدول تحرص على تنمية وتعظيم مواردها السياحية، ولا تعتمد فى هذا إلا على تاريخها العريق الأصيل دون أن تهتم بصناعة السياحة، وتهيئ المزارات السياحية بما يناسب السائح ويلبى احتياجاته من الأمان وحرية التنقل وممارسة حريته كاملة دون حشر الأنوف فى تصرفاته وسكناته.

هذه صناعة لمن أراد أن يتقنها ويستوعبها، لها أصولها وقواعدها العلمية، من أراد منها خيرا عليه الالتزام بقواعد البناء الصحيح العلمى المدروس، يبدأ عند الأثر التاريخى، وينتهى عند كل مواطن يتعامل مع السائح.. من وقت نزول السائح حتى المغادرة. ويكفى أن نسهو ونتكاسل ونتغافل عن خدمة واحدة فتسقط عند السائح رغبته فى البقاء أو العودة، والأمر ليس بالصعوبة أو المستحيل، بل يكفى أن نتابع احتياجات السائح ورغباته وراحته، وتُفرض فرضًا بالقانون واقتناعًا بالتعليم والبرامج ووسائل البث المختلفة. ولا مانع أن نضم هذه الإرشادات إلى المناهج الدراسية فى المدارس والجامعات، وتشمل زيارة الطلاب إلى الأماكن السياحية فى كل محافظة، نُعلِّمهم فن التعامل مع السائح والتفاعل معه.

لست راضيًا عن سلوك الناس، وغاضب من هذه الملاحقات، وثائر على تهاون وزارة السياحة فى حق تاريخنا والحفاظ عليه.. وقد بُح صوتنا من قبل بأن هذه الأماكن السياحية آن الأوان أن تكون تحت إدارة شركات متخصصة برجال متخصصين دارسين وأمن على مستوى علمى وتربوى مناسب، ومزارات راقية تحترم احتياجات السائح ورغباته.

«الدولة المدنية هى الحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياحة حسينية منقوصة سياحة حسينية منقوصة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon