توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سد النهضة فى مؤتمر المؤرخين

  مصر اليوم -

سد النهضة فى مؤتمر المؤرخين

بقلم - يوسف القعيد

 عقدت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية الأسبوع الماضى، برئاسة الدكتور أيمن فؤاد السيد، مؤتمرها السنوى. كان من المفترض أن يفتتحه المهندس عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة. لكنه اعتذر. موضوع المؤتمر: المياه والمجتمعات عبر العصور. واللجنة العلمية التى أعدت أعمال المؤتمر من الدكاترة: أحمد زكريا الشلق، جمال معوض شقرة، خلف عبد العظيم الميرى. ومنسق المؤتمر طاهر حسين.أنت فرصة لزيارة الجمعية التاريخية التى أصبحت جزءاً من تاريخ مصر. تأسست فى 20 يوليو 1945 بمرسوم ملكى بإنشاء الجمعية الملكية للدراسات التاريخية بفضل مساعى الدكتور حسن حسنى باشا، السكرتير الخاص للملك فاروق. وتحددت أغراضها بالنهوض بالدراسات التاريخية ونشر الوعى التاريخى بين أبناء الوطن.

أول مقر للجمعية كان مكتب محمد شفيق غربال، بوزارة المعارف العمومية. ثم خصصت لها غرفتان بجمعية الاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع. انتقلت الجمعية لأكثر من مكان حسب تقلبات العصور والأحوال. إلى أن استقرت فى البناية 2 شارع ناصر الدين المتفرع من شارع البستان، المواجهة للنادى الدبلوماسى، والقريب من ميدان التحرير بقلب القاهرة.لكن بسبب تعقيدات إدارية فى علاقة الجمعية بمالك العقار. حصل على حكم محكمة بإخلاء المبنى. وفى هذه اللحظة تولى الدكتور محمد صابر عرب، المؤرخ قبل أن يكون وزيراً للثقافة، والمؤرخ الكبير بعد تركه الوزارة. تسهيل حصول الجمعية من حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمى. وهو مؤرخ معروف وله كتابات مهمة فى تاريخ الخليج العربى والقرصنة وما جرى هناك عبر الأزمنة والعصور. الدكتور القاسمى أهدى الجمعية مقرها الحالى فى مدينة نصر. بموجب عقد هبة ومبناها. وافتتحه فى 23 مايو 2011، بل ومنح الجمعية مبلغاً من المال يمكن أن تنفق على المبنى والأنشطة التى تقام فيه من عائد المبلغ المودع كوديعة بأحد البنوك. ومن يرى المبنى عند مروره فى الشارع الرئيسى القريب منه. سيكتشف تحفة معمارية نادرة الطراز. فيها تجليات العمارة الإسلامية والعربية. وكأن الهدف لم يكن إنشاء جمعية تاريخية. بقدر ما كان إشاعة حالة من الاهتمام بالعمارة التى نهملها مع أننا نعيش فى ظلالها.

لا أستطيع الكتابة عن الندوة العلمية التى ذهبت لمتابعتها فى يومها الثالث والأخير دون المرور على مشكلة المكان. فعندما أنشئت الجمعية فى المنطقة الواقعة خلف مدرسة المنهل، والقريبة من امتداد شارع حسن المأمون. لم يكن فى المكان ما يمكن أن يضايق المؤرخين المصريين ولا أن يهددهم ويمكن أن يحول دون تمكنهم من القيام بالمهام التى يريدون القيام بها تطوعاً وتبرعاً دون انتظار أى عائد. بدأت المشكلات عندما نشأت أمام الجمعية سويقة سُميت: سويقة الحى الثامن. وإذا كنا نقول عن بعض الأحياء إنها عشوائية. فالسويقة - تصغير سوق - منطقة تتجلى فيها العشوائية بأكثر صورها قُبحاً. مما يتناقض تماماً مع مجمع المدارس وجمعية المؤرخين.

عندما وصلت للمكان وكان الوقت ظهراً. كان التجار يحاصرون الجمعية من جهاتها الثلاث ببضائعهم التى يبيعونها. بل ويربطون دوابهم فى السور الذى يحيط بالجمعية. وقد أقيم السور بعد محاولة من التجار للعدوان على الجمعية وتدمير بعض المنشآت بها احتجاجاً على وجودها.

انقلب الحال. ففى الوقت الذى كان يجب توفير مناخ مناسب لجمعية معنية بدراسة تاريخ مصر والوطن العربى والأمة الإسلامية والعالم. أى جمعية فيها صفوة من يشتغلون بالتاريخ. وأعتقد أن أى أمة بلا تاريخ أو تهمل تاريخها. ليس من حقها أن يكون لها حاضر. كما أنها تُحرم من الحلم بالمستقبل.المؤرخون لا يطلبون قطع الأرزاق. ولا منع التجار من القيام بأعمالهم. فهم يعولون عائلات كثيرة. لكن الحل الذى يمكن الاهتداء إليه توفير أماكن بديلة للتجار ليقوموا بعملهم. ويعرضوا ما لديهم. وأيضاً يتمكن السكان من شراء مستلزماتهم من مكان قريب. فالانتقال من شارع لشارع فى قاهرة اليوم أصبح من الصعوبات الكبرى.

لا أدرى عدد المحافظين الذين ناشدناهم. لتوفير سوق بديل للتجار الذين يحاصرون الجمعية. وكانت هناك استجابات كلامية ووعود شفوية دون أن يتمخض الأمر عن أى شىء. وربما كان إصرار الجمعية على أن يعقد المؤتمر الأخير للجمعية تحت رعاية محافظ القاهرة المهندس عاطف عبد الحميد. حتى يرى بنفسه الوضع المذرى الذى تمارس الجمعية عملها فيه. والمأزق الذى يواجه من يذهب إلى الجمعية. وأكوام فضلات السوق اليومى تحاصر الجمعية من كل مكان. لكن المفاجأة أن المحافظ اعتذر عن الحضور. لست أدرى لماذا لم تفكر الجمعية فى مخاطبة جهاز التنسيق الحضارى، ومديره المهندس محمد أبو سعده، ووزير الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم. كاستغاثة أخيرة لإنقاذ هذا العدوان اليومى والمتواصل والمستمر على مبنى مهمته الحفاظ على تاريخ حضارتنا وتجلياتها ومنجزاتها. موضوعات المؤتمر الذى ذهبت لحضوره كثيرة. لكنى توقفت أمام ملخص بحث عنوانه: مشروع بناء السد العالى وصِلتِه بسد النهضة فى ضوء التطورات الأخيرة. قدمه الدكتور زكى البحيرى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية جامعة المنصورة. يتحدث الباحث عن سد النهضة والخطر الذى يشكله على تدفقات مياه النيل الواردة إلى السودان ومصر.

لكن الجديد تأكيد أن المشكلة لم تبدأ الآن. لكنها بدأت عندما تقرر إنشاء السد. تم البدء فى ذلك ومصر فى زحمة الثورة المصرية فى أبريل 2011، مر الأمر علينا فى مصر دون التوقف أمامه طويلاً. رغم أن النيل يمثل المصدر الرئيسى لاستخدامات المياه فى بلد كبير وضخم ومحورى يزيد عدد سكانه على المائة مليون نسمة.

يؤكد الباحث أن بناء السد يرتبط ارتباطاً مباشراً بالمخططات الأمريكية الغربية التى جرت عقب إقدام مصر على بناء السد العالى بمساعدة وتمويل الاتحاد السوفيتى، بعد رفض الولايات المتحدة وبريطانيا تمويل المشروع العملاق. الذى قالت عنه الدراسات إنه أعظم مشروع مائى فى القرن العشرين. المؤامرة قديمة. مركز استصلاح الأراضى الأمريكى أرسل بعثة إلى إثيوبيا 1958-1964، أجرت دراسات على 33 مشروعاً مزمع إقامتها على النيل الأزرق تشكل مياهه 60% من مياه النهر. والباحث يستند إلى الوثائق البريطانية. فهل إقامة سد النهضة رد الغرب الأمريكى على السد العالى؟!.


نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سد النهضة فى مؤتمر المؤرخين سد النهضة فى مؤتمر المؤرخين



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon