بقلم - جلال دويدار
لا يمكن لأحد أن ينسي عمليات الابتزاز التي اقدمت عليها تركيا - أردوغان لدول الاتحاد الأوروبي. جري ذلك باستغلال أزمة أفواج اللاجئين من سوريا ودول الشرق الأوسط الي هذه الدول. ما حدث تجسد في فتح الحدود التركية مع أوروبا لعبور مئات الآلاف من هؤلاء اللاجئين وتعمد عدم السيطرة علي هذه الاعداد وانضباطها. كان من نتيجة ذلك اختلاق مشاكل غاية في الصعوبة لهذه الدول اقتصادية وعرقية وهو ما اعتبرته تهديداً لأمنها القومي.
انطلاقا من هذه القضية جاء الابتزاز التركي متمثلاً في الحصول علي مليارات اليوروهات من الاتحاد الأوروبي. جاء ذلك ثمنا لوقف تدفق اللاجئين وما يترتب علي ذلك من أزمات لهذه الدول.. ما حدث دفع بعض هذه الدول الأوروبية إلي إغلاق حدودها مع تركيا.
إلي جانب هذا الابتزاز التركي لأزمة اللاجئين إلي أوروبا فقد كان هناك تدفق أيضاً للاجئين عن طريق سواحل مصر وليبيا عبر البحر المتوسط. هذا الأمر دفع الدول الأوروبية الي تكثيف اتصالاتها بمصر للتعاون معها لاحتواء هذه الأزمة. استجابت مصر من واقع مسئوليتها لهذا المطلب حيث تم اتخاذ تكثيف الاجراءات الأمنية لمحاصرة هذا النشاط حتي تم وقفه تماماً.
حول هذه القضية كنت قد كتبت منذ فترة حول ضرورة قيام الدول الأوروبية علي تقديم ما يمكن من مساعدات لمصر لتمويل جهودها في التصدي لأزمة اللاجئين. كان لابد من تقدير حسن النية والتعاون من جانب مصر خاصة بعد ان استطاعت هذه الجهود المصرية ان تحد من حركة هؤلاء اللاجئين المغامرين إلي درجة يمكن وصفها بالنجاح في وقفها.
تفهمت الدول الأوروبية ما قامت به السلطات المصرية بكل أمانة وإخلاص. عبرت عن ذلك الاتصالات واللقاءات وتطور العلاقات المصرية الاوروبية. في هذا الاطار طالبت مصر الطرف الأوروبي بضرورة تقديم المساعدات للدول الافريقية المصدرة للاجئين لاقامة المشروعات التنموية من أجل ايجاد فرص عمل لهؤلاء اللاجئين. تجاوبت الدول الأوروبية الرئيسية مع مصر ووافقت علي الاتصال بالدول الافريقية لهذا الغرض.
لا جدال أن ما قامت به مصر لمواجهة قضية اللاجئين قد جاء من منطلق مسئولياتها الاقليمية والدولية. إنه تجسيد لمصداقيتها وحرصها علي أمن واستقرار كل دول العالم خاصة أوروبا التي تربطها بمصر وكل الدول الافريقية مصالح امنية مشتركة.
لا يخفي علي أحد أن ما اقدمت عليه مصر من تعاون في ملف اللاجئين إلي أوروبا قد ساهم في دعم مكانتها الاقليمية والدولية. أدي ذلك أيضا إلي زيادة الروابط المصرية مع هذه الدول الأوروبية في اطار من الاحترام والتقدير.
ان موقف مصر الحضاري لم يقتصر علي ذلك وأن ما يحسب للدولة المصرية صمتها علي استضافتها لخمسة ملايين لاجيء يتمتعون بكل العناية والحماية.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع