بقلم - جلال دويدار
من أهم حوافز ودعائم المسيرة الاقتصادية الاهتمام بكل ما هو متوافر لدينا لتحقيق مزيد من الانتاح والموارد. كما هو معروف فقد ظلت مصر المحروسة لعقود طويلة من أهم الدول في ريادة زراعة القطن طويل التيلة. جري الاهتمام باستخدامه في انتاج المنسوجات الفاخرة في دول العالم. كان أهم عوامل تسويق هذا الانتاج الاشارة الي ان المنتج مصنوع من القطن المصري. اشتهرت وتميزت سويسرا بهذه النوعية من الانتاج حيث كان هناك في مدينة جنيف شارع مخصص لبيع منتجات القطن المصري.
هذه الأهمية كانت دافعا لي للعودة الي تناول هذه القضية مرة أخري. شهرة القطن المصري وما كان يتحقق بزراعته كان ومازال يعتمد علي طبيعة وجودة التربة المصرية. هذا الاهتمام استند أيضا الي أنه كان يعد من أهم عوائد العملة الصعبة. فيما يتعلق بالمزارع فقد كانت زراعته وجَنيه بعد ذلك بمثابة عيد حيث كانت تتوقف علي تسويقه كل المناسبات الحلوة.
استمر هذا الحال لعقود طويلة الي أن توقف الاهتمام بزراعته. جري ذلك منذ ما يقرب من أربعة عقود من جانب الحكومة. تجسد هذا الموقف في تقليص مساحات الأرض المخصصة لزراعته. لجأت الدولة دون أي تبرير لاستيراد الأقطان قصيرة التيلة لتشغيل مصانع المنسوجات. صاحب ذلك تشجيع الزراع لاستبدال زراعة القطن بأنواع أخري من الزراعات اقتناعا بأن عائدها مجز. كان من نتيجة ذلك توقف العديد من مصانع المنسوجات في مصر.
أخيرا وبعد هذه العقود اكتشفت حكومة الدكتور مصطفي مدبولي أن ما حدث لم يكن اجراء سليما. تمثل ذلك في اهتمامها باستئناف زراعته. أعلن عن خطة لاستعادة القطن المصري »الذهب الأبيض» لعرشه المفقود.
سعيا الي هذا الهدف دعا الي إجتماع حضره كل من وزراء التموين والزراعة والتجارة وقطاع الأعمال لبحث كل ما يحيط بهذا الأمر. كلف كل وزير بالاضطلاع بمسئولياته في إنجاح هذا التحرك. أشار الي أن ذلك يأتي تنفيذا لتوجيهات وتكليفات رئيس الجمهورية بعودةالاهتمام بزراعة القطن والارتفاع بمستوي انتاجه.
من ناحية أخري طالب رئيس الوزراء الشركات المنتجة لزيوت الطعام بالعمل علي التوسع في استخدام بذرة القطن لإنتاج هذه الزيوت بما يقود الي تعظيم عوائدها والحد من الاستيراد. تحدث في هذا الاجتماع وزير الزراعة عن زراعة أنواع من القطن بإمكانات مبشرة. يضاف الي ذلك قيام مراكز البحوث الزراعية باستنباط بذور جديدة عالية الانتاج.
تضمنت تعليمات رئيس الوزراء أيضا العمل علي تطوير وتحديث المحالج والمصانع التابعة للقطاع العام قال ان ذلك يهدف مضاعفة إنتاجها بالاضافة الي زيادة معدلات الجودة.. عودة هذا الاهتمام من جانب الدولة بالقطن وزراعته يعد خطوة فاعلة لاستعادة الذهب الابيض لعرشه المفقود لصالح المسيرة الاقتصادية.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع