بقلم - جلال دويدار
لا يخفي علي أحد أهمية القرار الذي اتخذه الأزهر الشريف في إطار تجاوبه مع سياسة التجديد والتحديث ومراعاة الصالح المجتمعي علي مدي تاريخه. هذا القرار يتمثل في موافقته علي حظر السماح بزواج من هم في سن الطفولة تقديراً لما يترتب علي ذلك من تداعيات اجتماعية لا يرضاها الدين الإسلامي الحنيف. ما أقدم عليه الأزهر الشريف بقيادة العالم والإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب يستحق أن نوجه إلي مؤسسة الأزهر العتيدة كل الإشادة والتقدير. إنه رد عملي من جانبه علي الأصوات والأقلام التي تحاول النيل منه باتهامات الجمود وعدم مسايرة احتياجات ومصالح المجتمع التي من صميم الدين.
لا جدال أن هذه الخطوة أتاحت لمجلس الوزراء بحث القضية تمهيداً للموافقة والإقرار بإعداد التشريع اللازم لتنفيذها ثم احالته إلي مجلس النواب. ما تم يعد تفعيلاً لفكر ديني واجتماعي متطور غاية في الأهمية. من المتوقع أن يقضي هذا التشريع بعد صدوره علي عملية المتاجرة القائمة علي إقناع بعض فئات المجتمع التي تسمح بزواج بناتها في هذه السن التي تفتقد المقومات اللازمة لتحمل مسئولية أسرة. هذا الأمر ينتهي عادة بالطلاق بعد أن يستنفد الزوج العجوز عادة غايته التي قد تقود إلي تدمير الزوجة الطفلة.
قرار الأزهر الشريف بحظر الزواج في سن الطفولة يدخل في إطار التحرك الرشيد للقضاء علي الكثير من انحرافات الآراء والفتاوي من جانب المدعين وجهلة الدين الذين يعتبرونها حرفة للارتزاق والشهرة. هذا التوجه الذي يدعم إعطاء مزيد من الاهتمام للدور الذي تقوم به دار الإفتاء ووزارة الأوقاف من خلال أئمة المساجد سوف يساهم بشكل فاعل في الخلاص من سلوكيات مدمرة للمجتمع.
توافر المزيد من الفاعلية لهذا الدور التنويري الذي يتبناه الأزهر الشريف لتنقية الدين القائم علي تحقيق خير المجتمعات وأفرادها.. يتطلب ويحتم التعاون وتضافر كل الجهات العاجلة علي الساحة الدينية وحتي يواصل الأزهر الشريف رسالته العظيمة كان علي الدولة والإعلام وكل الأجهزة المعنية أن تكون داعماً ومسانداً. إنها مطالبة وفي إطار متابعتها لمثل هذه الخطوات أن تكون أكثر انصافاً وصبراً وإعطاء الفرصة لاستكمال هذه المسيرة الإصلاحية من جانب الأزهر الشريف وقياداته المستنيرة التي منَّ الله عليها بالعلم والاستيعاب لتعاليم الإسلام الصحيحة.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع