بقلم - جلال دويدار
ارتباطا بأحداث مذبحة المصلين المسلمين في مسجدي نيوزيلندا.. كان من الطبيعي أن تصيب الدهشة كل من عاشوا وزاروا أو قرأوا عن هذا البلد. يأتي ذلك علي ضوء ما عرف به وبأهله من تمدن وطيبة. إن أهم ما اشتهر به هو الحرص الشديد الحفاظ علي بيئة نظيفة جعلته من أولي دول العالم في هذا المجال.
هذه الدولة التي توصف بالجميلة تتكون من جزيرتين تقعان في الجنوب للمحيط الهادي في آخر خريطة الكرة الأرضية. إنها تبعد ثلاث ساعات بالطائرة من مدينة سيدني عاصمة استراليا. اكتشفها الرحالة الهولندي »أبل تسمان». تعرضت للغزو من جانب الامبراطورية البريطانية عام ١٨٤٠. خضعت للاستعمار البريطاني الي أن استقلت وأصبحت عضوا في الكومنولث الذي يضم المستعمرات البريطانية سابقا. للسفر إليها هناك ٢٠ شركة طيران تقوم بتسيير خطوطها.. منها ثلاث شركات عربية. وتعد مدن سيدني وبرسبين وملبورن في استراليا بالاضافة الي سنغافورة وهونج كونج نقطاً محورية لحركة الطيران.
يصل فرق التوقيت المعمول به بين نيوزيلندا والقاهرة الي ١٤ ساعة بالزائد أي أن الساعة ١٢ ظهرا في القاهرة تكون ٢ صباح اليوم التالي هناك. عدد سكانها ٤ ملايين نسمة معظمهم من أصل انجليزي. مساحتها ٢٧٦ ألف كيلومتر مربع وهي ما تتجاوز مساحة بريطانيا وربع مساحة الدولة المصرية وبالنسبة لأوضاعها المناخية فإنها تعيش أربعة فصول مواعيدها تعكس ما هو سائد عندنا حيث يسود الدفء شهور الشتاء والبرودة شهور الصيف.
إنها ووفقا لمقوماتها تعد من الدول السياحية رغم البعد الكبير عن باقي بلاد الدنيا. من ناحية أخري فإنها تعرف بالانتاج الوفير من اللحوم والمأكولات البحرية والخضراوات الطازجة »الأورجانيك» وتنتشر داخل كل المدن النيوزيلندية »مطاعم المأكولات الحلال» لخدمة ابناء الجاليات الإسلامية المهاجرين إليها ومنهم مصريون.
مقومات الأمان والطبيعة النيوزيلندية انعكست علي سلوكيات مسئوليها وسكانها القائمة علي احترام وتقديس العلاقات الانسانية بعيدا عن نزعات العنف والعنصرية. انطلاقا من هذا الواقع فإن الحادث المأساوي ضد المصلين المسلمين.. ارتكبه زائر استرالي مجرم عنصري ومتطرف. من المنتظر ان تكشف محاكمته التي تجري في نيوزيلندا ما وراء هذه الجريمة البشعة.
علي هذا الأساس فقد فاجأ وصدم الحادث الإرهابي الإجرامي كل ابناء نيوزيلندا علي اختلاف أعراقهم وجنسياتهم الأصلية. عبرت عن هذا الشعور رئيسة الوزراء بوصفها ماحدث بأنه يوم أسود في تاريخ بلدها. حرصت علي زيارة أسر الضحايا ومواساتهم بكل العبارات والاجراءات التي تتسم بالامانة والمصداقية. شاركها في هذا السلوك الحضاري الانساني المواطنون النيوزيلنديون الذين نثروا الورود في موقع الحادث. ليس هذا فحسب ولكن رئيسة الوزراء تعمدت ومعها العديد من النيوزيلنديين ارتداء الحجاب والملابس السوداء تضامنا مع المسلمين.
ان تعامل نيوزيلندا علي المستوي الرسمي والشعبي مع الحادث الإرهابي .. يعكس البيئة التي يعيشون فيها. في نفس الوقت فلا جدال ان مُرتكبه المجرم الاسترالي تأثر بالتوجهات اليمينية الاجرامية السائده في بلده انها متجسدة في تصريحات سيناتور استرالي يميني اعلن دعمه وتأييده للجريمة.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع