بقلم - جلال دويدار
لا يمكن أن نقول ومهما بلغت قوة القانون انه يمكن ان يوقف آفة الدروس الخصوصية التي خربت بيوت وجيوب المواطنين. تأتي تضحيات الآباء والأمهات بنسبة كبيرة من دخولهم حرصا علي تعليم ابنائهم. إنهم يجدون ان لا مفر منها لضمان تعليم ابناءهم. وهذه الدروس الخصوصية تكلف أولياء الأمور ما يقرب من ٢٨ مليار جنيه سنويا وفقا لتقديرات الخبراء.
أننا نخدع انفسنا بمعالجة مرض انهيار العملية التعليمية نتيجة تراكمات واخطاء سياسات الدولة علي مدي عقود من الزمن بالعلاجات غير الصحيحة المتمثلة في اصدار قوانين التجريم. علينا ان ندرك ان علاج هذه الحالة المستعصية التي بدأت مواكبة للانهيار التعليمي لن تتحقق إلا بإصلاح التعليم. اذا نجحنا في هذا الانجاز فإن المواطنين لن يلجأوا إلي الدروس الخصوصية وبالتالي يوفرون مليارات الجنيهات. لا جدال أن ذلك سوف يحفزهم علي قبول زيادة المصروفات لتغطية جانب من عملية التطوير.
ان القانون مهما كانت غلظة عقوباته لن ينهي ارتكاب هذه الجريمة التي تعد اهداراً للمال وبذل العرق لكسبه. أنني علي إيمان كامل ان اكتمال عملية الاصلاح التعليمي سوف تقضي علي هذه المراكز. أنها تشبه عمليات تداول حشيش حيث ان العقوبات التي وصلت إلي حد الإعدام علي تداوله والتجارة لم توقفها.
علي ايامنا وعندما كان هناك تعليم في مصر كان اللجوء إلي الدروس الخصوصية عيبا وفضيحة يتعمد الطلاب واهاليهم التستر عليها. أنهم كانوا يخشون من المعايرة بغباء من يتلقونه وعدم قدرتهم علي استيعاب الدروس في المدارس. كانت المدارس تنظم ما يسمي بالمجموعات في معظم المواد لمساعدة الذين لا يحققون النتائج المرجوة نظير اشتراكات رمزية.
من المؤكد أن إصرار الدولة علي اقتحام هذه المشكلة وإيجاد حل لها مثل الكثير من المشاكل أمر محمود يستحق التقدير. هذا الواقع الجديد يتمثل في الثورة التعليمية التي تدعمها وتساندها القيادة السياسية ويقودها الوزير الشجاع والجريء طارق شوقي. أن اكتمال هذه المنظومة وتفعيلها سوف تقضي علي الدروس الخصوصية بدون قانون. هذه هي الوسيلة العملية لانقاذ الناس من التهام هذا الغول لدخولهم.
ما يحدث حالياً يشبه العملية الجراحية التي اجريت لانقاذ الجنيه المصري والاقتصاد الوطني بالقرارات التي تم اتخاذها بواسطة البنك المركزي. جاء ذلك في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي الجذري لأمراض ظلت ولعقود بدون ايجاد العلاج الشافي. كان من نتيجة ذلك توقف عملية انهيار الجنيه وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وإشادة المنظمات الاقتصادية الدولية.
ان اعطاء فرصة لتطبيق وتفعيل عملية تطوير وتحديث العملية التعليمية سوف تؤدي إلي اختفاء الدروس الخصوصية التي لن يكون الطالب في حاجة إليها. أننا إذا كنا قد صبرنا علي بلاء هذه الدروس لأكثر من أربعة عقود مضت أو أكثر فإنه لن يضرنا أن ننتظر سنة وسنتين حتي يتم الإصلاح التعليمي.
نقلا عن الاخبار