بقلم - جلال دويدار
لا أحد ينكر ما يقوم به الدكتور علي مصيلحي وزير التموين من جهود جبارة لإصلاح منظومة التموين الفاسدة التي تفقد مئات الملايين من الجنيهات في عمليات دعم صورية. رغم ذلك وحتي لا تضيع جهوده هباء يهمني أن ألقي نظرة إلي عدم كفاءة أجهزته في التصدي للغلاء الذي اكتوت بنيرانه جموع المواطنين. أحد الشواهد علي هذه الحقيقة ما تم إعلانه من وقت لآخر عن بيع السلع التموينية خاصة الخضراوات والفاكهة التي انفلتت أسعارها بشكل وحشي. يتم ذلك من خلال الادعاءات الزائفة. حقيقة أنها تقوم بعرض هذه المنتجات ولكن معظمها بنفس الأسعار السائدة في السوق. آخر هذه التحركات ما تم إعلانه عن عرضها في فروع الشركة القابضة للمواد الغذائية والتي تبين من الأسعار المعلقة إنها ليست إلا خداعا للمواطنين.
كنت أرجو أن يكون هناك تعاون بين جهابذة هذه الشركة ووزارة الزراعة التي سبق وأعلنت أنها ستعقد اتفاقيات مع الزراع لشراء إنتاجهم مباشرة دون وساطة. هذه المبادرة التي كان يتبناها وزير الزراعة السابق الدكتور عبدالمنعم البنا. كانت هذه المبادرة تقوم علي اتفاقيات مع المزارعين لشراء محاصيلهم من الخضراوات والفاكهة وعرضها مباشرة للمواطنين دون ما كان يحصل عليه الوسطاء والتجار. هذا التداول لهذه المنتجات كان يصل بها إلي أربعة وخمسة أضعاف ما يتم دفعه للمزارع. كانت تتم هذه العمليات بشكل احتكاري يكون هذا المزارع ضحية له. إن المواطنين المغلوبين علي أمرهم ضجوا من انفلات الأسعار وأصبحوا لا يملكون سوي الحرمان والتوجه إلي الله لرفع هذا البلاء عنهم.
ليس هناك أي اعتراض علي المبادرة الجديدة التي أعلنت عنها الشركة القابضة للمواد الغذائية التابعة لوزارة التموين وسلطة وزيرها الدكتور علي مصيلحي. كان عليه أن يكون لديه من يراقب تلك الأسعار الصورية التي أعلنت عرضها لبيع الخضراوات بزعم بأسعار مخفضة. إن عليه وحتي يحافظ علي نجاحه في قضايا تموينية أخري حيوية بالنسبة للدولة أن يعمل علي أن تتسم هذه المبادرة بالجدية وليست تهدف لـ»الشو»!!
في اعتقادي أن تفعيل هذه المبادرة يحتاج إلي جهاز من المسوقين الموثوق في ضمائرهم وإخلاصهم وطهارتهم للتعامل مع الزراع والتعاقد علي إنتاجهم مباشرة. إنها ممكن أن تتم من خلال اتفاق تعاون مع وزارة الزراعة لتنظيم هذه العملية بالاتفاق مع ممثليها في المحافظات الريفية. من المؤكد أن تحقيق ذلك يتم بعرض هذه المنتجات في شوادر تتكفل وزارة التموين إلي جانب منافذها ببيع الخضراوات والفواكه والتي تقضي يومها خالية تماما من الزبائن. يحدث ذلك نتيجة عدم معقولية أسعار هذه المنتجات ورداءتها. بالطبع إذا حدث هذا التعاون الايجابي فإنه يمكن أن نتنبأ بنجاح هذه المبادرة.
من ناحية أخري فإنه لابد من الإشارة إلي أن عمليات المطاردة الصورية من جانب شرطة التموين والتجارة الداخلية والتي تتمثل هذه الأيام في تصاعد أزمة أسعار البطاطس لا يمكن أن تكون حلا للمشكلة. إن التوصل إلي نتائج فعلية لعملية المواجهة تحتاج بداية قيام وزارة الزراعة بواجبها بمراقبة البذور المستوردة وضمان زراعتها ومتابعتها حتي نزول المحصول للأسواق.
لابد أن يصاحب ذلك دخول شركات التموين ومعها وزارة الزراعة في عمليات التسويق بداية من المزارع حتي الوصول إلي منافذ البيع. هذه هي الوسيلة الفعالة لمواجهة عمليات رفع الأسعار المفتعلة نتيجة الوساطة والاحتكار. هل هناك من يسمع لهذه المشورة لاتخاذ ما يلزم من خطوات عملية للتنفيذ؟
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع