توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكواكب».. موت حتمى أم انتحار اختيارى؟

  مصر اليوم -

«الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى

بقلم - نبيـــل عمــــر

 بالرغم من هذا، لا أقبل إغلاق مجلة «الكواكب»، ليس لعراقتها ودورها وكل هذه العبارات العاطفية، ولكن لأن لنا حاجة في وجودها بشرط أن يكون وجودًا يسد نقصًا ويجعلنا نتدافع على قراءتها لتشبع رغباتنا في المعرفة والمتعة والتسلية والتعليم.

المدهش أن الكواكب بحالها التي انتهت بقرار الهيئة الوطنية للصحافة بوأدها ليست حالة خاصة، وتكاد تكون وضعا سائدا في الصحافة المصرية برمتها، صحافة تخسر ولا يُقبل عليها القراء. لن نختلف كثيرا في أن مساحة الحرية المتاحة هي طاقة دفع مهمة في حياة أي مطبوعة وازدهارها، لكنها ليست العنصر الأهم، فالعنصر الأهم هو «الصنعة»، الحِرفة التي تشد المتلقى إليها، لأن فنون الاتصال بكل أشكالها من أدب ومسرح وموسيقى وسينما ورسم وغناء وصحافة وإعلام لها سيد وحيد هو «المتلقى»، أي «جمهور العرض»، سواء كان رواية أو مسرحية أو قطعة موسيقية أو لوحة فنية أو أغنية أو جريدة أو قناة فضائية.. إلخ.. ودون المتلقى يظل العمل يتيمًا أو نبع ماء في صحراء لا يمر بها عابر سبيل، ويبدو أن الصحافة المصرية منذ تأميمها في الستينيات من القرن الماضى أسقطت هذا السيد من حسابها، أقصد حسابات المكسب والخسارة بخدمته، لأسباب تتعلق برضا «السلطة»، لذلك لن يهتم بأى خسائر مهما كبرت.. صحيح أن كثيرا من الصحف حافظ لسنوات كثيرة على «جوهر» الحرفة بحكم العادة والتقاليد المتوارثة وإصرار مواهب مقاتلة، لكن الجوهر صار مثل قلب مفاعل ذرى يتآكل، وقلب المفاعل الذرى لا يخمد بين يوم وليلة.. ولكن بعد زمن طويل من انشطار ذراته، وخلال تلك السنوات برزت قيم مختلفة ضاغطة على القيم القديمة، قيم لا علاقة لها بالموهبة والمهارة والكفاءة في الصنعة، قيم تستند إلى العلاقات والتربيطات وتقديم فروض الطاعة باسم «الدور الوطنى» أو المحافظة على الاستقرار، ولم يكن ذلك صحيحًا، وأيضا لم يكن في مصلحة الوطن.. وبالمناسبة الصحافة المصرية لم تكن سببًا في 25 يناير 2011، وحتى الجزء المتآمر في الإعلام المصرى لم يكن سوى عنصر مساعد في مجتمع توافرت فيه كل عوامل الغضب والثورة.

ومع خمول المفاعل الصحفى، حدث تطور هائل في عالم الاتصالات والاتصال، وتغيرت بيئته تماما، لكن قيم التأميم في الصحافة المصرية ظلت سائدة، وترعرعت عليها آلاف العقول التي تعمل وتنتج بالمفاهيم التي أفرزتها تلك القيم، مفاهيم مهنية غير صالحة للعمل في القرن الحادى والعشرين، وبرر أصحاب هذه المفاهيم أسباب ابتعاد القارئ وانهيار الإيرادات بـ«الصراع الوهمى بين صحافة ورقية وصحافة إلكترونية»، كما لو أن الصحافة نوعان مختلفان نوع يندثر ونوع يولد.. مع أن الصحافة نوع واحد، لكن وسائل التسويق اختلفت بظهور «التسويق الإلكترونى»، مثل بقية السلع الأخرى، فنحن نشترى أجهزة كمبيوتر وملابس وأحذية ومأكولات وكل شىء تقريبا إلكترونيا، فهل هذه صناعات ومنتجات جديدة أو تسويق جديد لها؟!.

ولم يتوقف المسؤولون عن الصحافة ويسألون أسئلة ضرورية للغاية: في ظل مواقع الأخبار ووسائل الاتصال والإعلام وشبكات التواصل الاجتماعى وطوفان المعلومات الهادر كل لحظة، بغض النظر عن صحتها من عدمها.. هل المفاهيم التي ننتج بها المادة المنشورة في الصحف تصلح أم يجب أن تتغير؟، كيف يمكن للصحف أن تحافظ على وجودها في نظم العمل التي أوجدها التأميم، فباتت المؤسسات مثل الدواوين الحكومية، أغلب العاملين فيها يمثل أنه يعمل دون نتائج جيدة؟، ألم يحن الوقت لتغيير نظام الملكية وعلاقات العمل بما يناسب العصر؟!.

لم تسأل السلطة المسؤولة عن الصحف هذه الأسئلة بحثًا عن «ثغرة» في الأزمة، فقد تأتى الإجابات على غير ما تريد، وتجد نفسها أمام طريق في إدارة هذه الصحف لا تحب أن تمشى فيه، ولا بديل لها للبقاء ثم النجاح.

هذه هي البيئة التي ماتت فيها الكواكب.. والكواكب مجلة أمامها فرص نجاح كبيرة، فقط عليها أن تغير منهج تفكيرها وتنتج مادة تنافس عالم الاتصالات والمعرفة الجديدة.. مادة عن عشرات الفضائيات وبرامجها من أول التوك شو إلى الطهى، خباياها وأسرارها، المسلسلات ومنصات العروض المدفوعة، برامج اليوتيوب، أنواعها ومحتواها ونجومها وأكاذيبها.. بأن تكون مرصدًا وفنارًا لها.. أفلام السينما، الغناء، الموسيقى.. إلخ، وكلها مادة شديدة الجاذبية لو أنتجت بكفاءة وفهم وعمق ومعلومات جديدة على المتلقى، وإذا كان التوزيع الورقى ضعيفًا لأسباب تتعلق بثقافة الأجيال الجديدة، فليكن التوزيع الإلكترونى بديلًا بشرط أن يستحق محتواها أن يباع.

أزمة «الكواكب» هي أزمة الصحافة، ويمكن أن نصلح الصحافة المصرية قبل أن نعلقها مطبوعة وراء مطبوعة على مشانق إلكترونية.. وحتمًا سنصل إلى الصحف اليومية الكبرى برضانا أو غصب عنا، فالقدرة على تحمل الخسائر تتقلص يومًا بعد يوم، لكن هل نحن نريد حقًا حل هذه الأزمة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى «الكواكب» موت حتمى أم انتحار اختيارى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon