توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب يُربك حلفاءه قبل الخصوم

  مصر اليوم -

ترامب يُربك حلفاءه قبل الخصوم

بقلم - محمد علي فرحات

في عهد دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، تستقبل غزة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله بانفجار كاد يودي بحياته، فكأن القيمين عليها يطلبون منه البقاء في رام الله، وأن لا تمتد حدود سلطته إلى القطاع الذي تحكمه «حماس»، وأن المصالحة مجرد بروباغندا لإرضاء الشعب الفلسطيني والمتعاطفين معه في المنطقة والعالم.

ويطلق القضاء الممثل اللبناني زياد عيتاني المعتقل بتهمة التعامل مع إسرائيل، مستنداً إلى كونه ضحية أشخاص اخترقوا حسابه الإلكتروني وأدخلوا إليه عناصر الاتهام باتصالات مع العدو، وفي هذه المأساة/ المهزلة تسخيف لأي اتهام بالخيانة وإن كان صحيحاً، فقد اهتزّت الثقة بالمؤسسات صاحبة الصلاحية بالاتهام، ما يمهّد طريق إسرائيل إلى اللبنانيين ضعفاء النفوس أكثر من أي وقت مضى.

ومثلما في غزة وبيروت هناك أحداث في غير بلد عربي تهبط بالقضايا الوطنية إلى مستويات متدنية، وتدفع الناس إلى التنصل من القيم الأخلاقية والوطنية لكونها من شيم أناس غير عمليين يعيشون في الخيال.

لا علاقة مباشرة للرئيس الأميركي وأجهزة دولته بمثل هذه الأحداث، لكنها تعبير يومي عن التعفّن السياسي والاجتماعي في معظم العالم العربي، على رغم كونه مطمعاً للقوى الإقليمية والدولية. تكتفي الدول الكبرى بهندسة أطماعها في بلادنا وتهمل الرعاية، وفي ذلك تراجع عن قيم الاستعمار الذي كان يهتم بهيكلية الدولة الخاضعة له فيحميها من الفوضى والفساد، ليتقاسم مع الأعيان سلطة دولتهم وخيراتها.

الولايات المتحدة وروسيا تحضران في المشرق العربي عبر قواعد عسكرية في مناطق سورية وعراقية حساسة وقد جعلتا البلدين مرتهنين بنهاية حروب أهلية تتحكم بها واشنطن وموسكو على رغم بطولات محلية لا تتقن سوى القتل والانتحار. هذا الحضور للدولتين العظميين في منطقتنا لا ينفي هامشيتها بالنسبة إليهما، لكون الصراع الحقيقي في أمكنة أخرى، أبرزها أوروبا والشرق الأقصى، حيث تنازع النفوذ الاقتصادي والجيوبوليتيكي لرسم خريطة أقطاب العالم بعد مرحلة انتقالية أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، وهنا لا تحضر حتى إسرائيل التي تعتبر نفسها ذراع الغرب في بلادنا.

في السباق على موقع القطب العالمي هيأت الصين نفسها بانتخاب شي جينبينغ رئيساً مدى الحياة يتيح لنظامها استقراراً سياسياً في المرحلة الصعبة، وفي السياق نفسه انتخابات الرئاسة الروسية التي تجدد رئاسة فلاديمير بوتين المحددة الزمن وغير الأبدية. أما أوروبا فتخوض صراعاً غير معلن مع الولايات المتحدة التي تريدها تابعاً لا قطباً حليفاً، لاعبة على التناقضات بين ألمانيا وفرنسا وإسبانيا من جهة وسائر أوروبا الغربية مع بقايا الاتحاد السوفياتي الأكثر التصاقاً بأميركا والتي تعتبر جبهات حرب مع روسيا قابلة للاشتعال. ويحتاج قادة أوروبا إلى «مترجم» للتفاهم مع رئيس أميركي شعبوي يمسك بالعصا من الوسط فيطرح نفسه داعية عزلة بشعاره «أميركا أولاً»، ومقاتلاً عالمياً للدفاع عن قيم الغرب بعدائه للصين والتباس علاقته بروسيا بين إشادة برئيسها أثناء الحملة الانتخابية للدخول إلى البيت الأبيض، وفرض عقوبات متلاحقة على موسكو بعد تسلمه الرئاسة.

وليست الولايات المتحدة أفضل حالاً من أوروبا، فالإدارة الحاكمة لم تستقر. وأحدث الاهتزازات إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين مايك بومبيو بديلاً يناسب مزاج رئيس لا يزال يفاجئ العالم.

الولايات المتحدة، على رغم شعارات ترامب الانعزالية، هي الأكثر انتشاراً عسكرياً، لكن رئيسها يعبث بتقاليد التجارة والاقتصاد والسياسة من دون برنامج واضح متفق عليه مع الحلفاء. يريد ترامب أميركا وحيدة في مواجهة العالم، فيما يتسبب بمشكلات مع القريبين قبل البعيدين.

هذا السلوك المتعثّر سيدفع موسكو إلى الاقتراب أكثر من بكين وربما الالتحاق بها إذا أكمل ترامب فترة رئاسته، وفي هذه الحال ستكون ثنائية الصين- روسيا قطباً غالباً ضد ثنائية أميركا – أوروبا التي تزداد ارتباكاً.

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يُربك حلفاءه قبل الخصوم ترامب يُربك حلفاءه قبل الخصوم



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon