توقيت القاهرة المحلي 19:28:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهراء.. وصعوبة البلع

  مصر اليوم -

الهراء وصعوبة البلع

بقلم - محمود خليل

خلال العقد الثانى من الألفية الجديدة، كانت مسيرة «اللخبطة فى اللغة» قد بدأت تتهيأ للتحول إلى «خلطبيطة» أو -بالفصحى- فوضى، تعبر عن حالة كاملة من حالات التشوش، وبات أغلب الخطابات مستنداً إلى مجرد «الدوشة»، بما تعنيه من صوت عالٍ، وردح، وتهديد، ووعيد، ومنٍّ، وأذى.. كل ذلك كان يمكن قبوله وتحمله، لكن ما لا يمكن استيعابه فعلاً هو أمران، الأول الهراء، والثانى تبليع ما لا يمكن بلعه.

بالنسبة للهراء.. لا تكاد تظفر فى بعض ما تسمع بأفكار متماسكة، والمتحدث من هؤلاء قد يتناقض مع نفسه عدة مرات فى الدقيقة الواحدة، يسمع أسئلة فيجيب إجابات شديدة البعد عنها، يبدو الكلام أحياناً غير مقنع، ومعدوم الحجة، ورغم ذلك تجد قائله يريدك أن تقتنع بـ«العافية»، وكأن قوله قاهرٌ فوق ما عداه.. وعن الهراء الذى يرتدى «ثوب الإنشاء» حدث ولا حرج.. دوشة الخطابات التى لا تقل إنشائية عن خطابات الشعر والأدب فى سوق عكاظ باتت تغلب على ما عداها.. الناقص حالياً أن تجد من ينشد: «ونشرب إن وردنا الماء صفواً.. ويشرب غيرنا كدراً وطيناً»، مثلما كان يردد عمرو بن كلثوم -أحد شعراء المعلقات- وهو ينشد فى بيئته الصحراوية اللاهثة من العطش.

أما الأمر الثانى فيتعلق بتبليع ما صعب بلعه عقلاً ولا منطقاً.. فيكفى أن تعلق قولك على أية شماعة، وعلى غيرك أن يقبل بالقول راضياً.. والشماعات أشكال وألوان.. كله بيسرق فلماذا لا أسرق؟ كله بيغنى فلماذا لا أغنى؟ كله بينظّر فلماذ لا أنظّر؟ كله بيغش فلماذا لا أغش؟ وهكذا.

قد تتفق معى على أن أموراً كثيرة لم يكن أحدٌ منا يتصور قبل عقدين من الزمان أن بإمكان أحد قبولها، وإذا بنا نستيقظ على أن كثيرين باتوا يقبلونها، أو يزعمون ذلك، بمجرد الاستماع إلى حديث مختلط عنها.. بإمكانك، على سبيل المثال، أن تراجع الموقف العام من القضية الفلسطينية التى مثلت إحدى القضايا التى تتصدر اهتمام المصريين والعرب لعقود متصلة، وتابع ردود الفعل على أى هجوم يقوم به المحتل ضد الفلسطينيين حالياً.الناس أصبحت تتقبل اختراعات وتريندات وأحداثاً وأفكاراً لم يكن يتصور أحد -عقلاً ولا منطقاً- قبولها، والفضل فى ذلك حالة التشوش العام التى ضربت العقل الجمعى، وجعلته فى حالة سيولة يسرت لأى فكرة لقيطة أن تسكن فيه، ليتبناها ويدافع عنها.. هل كان أحد يصدق ظهور مهرجان مثل شيماء «البطة»؟ لقد ظهر.

زمان كتب بديع خيرى «أوبريت» بعنوان «العقلاء» -فى فيلم «المليونير»- يحكى فيه عما يحدث داخل أحد العنابر بمستشفى الأمراض العقلية.. من ضمن ما جاء فيه: «انت يا حضرة نابليون.. وى مسيو.. وأنا كمان نابليون.. أنشانتيه.. سيد من يكتم سر.. وى مسيو فى بير.. شفت الأرنب ويه القطة راكبين تاكسى وبيقول هو.. هى تقول له حطّة يا بطة.. وهوه يقول لها بسبس نو».تلك هى لغتنا المعاصرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهراء وصعوبة البلع الهراء وصعوبة البلع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon