توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ومن «الشك» ما قتل

  مصر اليوم -

ومن «الشك» ما قتل

بقلم - محمود خليل

يظل الشك الزائد عن الحد مرضاً يخنق صاحبه، وقد يدفع به إلى أسلوب فظ فى التعامل مع الآخرين، يفقده تعاطفهم معه، ويوغر صدورهم نحوه إلى حد التخطيط للنيل منه.

الشك من حسن الفطن، حين يكون شكاً متوازناً، بمعنى أن يأخذ شكل الحذر البعيد عن «تخوين الآخرين»، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده، وهو فى كل الأحوال بحاجة إلى غيره.

على سبيل المثال الزوج الشكاك أو الزوجة الشكاكة يمكن أن يدمرا حياتهما الزوجية بسبب هذا المرض، بل قل إن كل العلاقات الإنسانية يدمرها الشك: علاقات الصداقة والجيرة والزمالة وغيرها.

فثمة فارق كبير بين الشك الهادف إلى الوصول إلى الحقيقة، وذلك من حسن الفطن، والشك من أجل الشك، وهو المرض.

ولا بد أن يتنبه الفرد إلى أن الأجواء التى نشأ أو يعيش فيها قد تجعل منه إنساناً مريضاً بالشك، كما حدث مع الوالى عباس حلمى الأول، حفيد محمد على من ولده طوسون.

مات أبوه «طوسون» فى أوائل العشرينات من عمره، بعد أن أنجبه، وتعهدته أمه السيدة «بنبا قادن» بالرعاية.

كانت الأم تعيش أجواء شك مرعبة، فهى تعلم كم الصراعات داخل الأسرة الكبيرة التى تضم أبناء وبنات محمد على، وكذلك أحفاده.

كان «عباس» يفوق فى عمره بعض أبناء محمد على، مثل عمه سعيد، ولم يكن يزيد عنه فى العمر سوى إبراهيم باشا، وقد شاءت الأقدار أن يتوفاه الله بعد أن اعتلى سرير ولاية مصر ببضعة شهور، ليتولى الحكم من بعده «عباس» نجل شقيقه طوسون.

منذ اللحظة الأولى لجلوسه على سرير الولاية، وهو دائب الشك فيمن حوله، يسيطر عليه إحساس بأن الكل يتآمر عليه، حسداً منهم على ما وصل إليه.

ربما تكون «أم عباس» قد لعبت دوراً فى ذلك من فرط خوفها على ولدها، ربما كان عباس نفسه مريضاً بالشك، ربما ساهم العاملان معاً فى ذلك، لكن النتيجة فى النهاية أن هذه الحالة أثرت عليه كل التأثير، فأنشأ قصراً بعيداً فى «بنها» لا يصل إليه أحد بسهولة، وبدأ يعد العدة لتولية ولده «إلهامى باشا» من بعده، خلافاً للائحة الولاية التى وضعها محمد على، وأحاط نفسه بمماليك أغراب، مبتعداً عن أفراد أسرته.انتهى أمر عباس الأول بالاغتيال على يد اثنين من مماليكه فى قصره البعيد داخل مدينة «بنها».

والعجيب أن الوالى قرّب المملوكين، وأبعد غيرهما خوفاً من الغدر به، فإذا بمقتله يأتى من مأمنه.

يقول بعض المؤرخين إن الأميرة نازلى بنت محمد على هى التى كرت عليه المملوكين ليقتلاه، حقدا منها عليه، وبسبب معاملته المتشككة فى أفراد العائلة، ويقول آخرون إن عمه سعيد هو من يقف وراء مؤامرة اغتياله، لكن لا يوجد دليل واضح على ذلك.

مات عباس حلمى الأول، ولم يستطع ولده إلهامى باشا وراثة الحكم من بعده، وتولى الولاية سعيد باشا نجل محمد على، وطوى التاريخ صفحة «حلمى» الرجل الذى قتله الشك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومن «الشك» ما قتل ومن «الشك» ما قتل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon