توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"أدهم" ودراويش الإخوان

  مصر اليوم -

أدهم ودراويش الإخوان

بقلم: د. محمود خليل

اشتهر اسم حسن البنا فى الإسماعيلية وكثر أتباعه بها وتكاتفوا فيما بينهم لإنشاء دار ومسجد للإخوان، وصفها محمود عبدالحليم بـ«أول دار للإخوان»، وكأنها أول دار فى الإسلام، وساهمت شركة قناة السويس التى يسيطر عليها الأجانب، هؤلاء الذين يعاملون «أداهم المصريين» معاملة الخدم والعبيد، بمبلغ مالى محترم فى إنشاء دار الإخوان ومسجدها بالإسماعيلية، وهو ما يسجله محمود عبدالحليم بلا مواربة وهو يؤرخ لتجربة المرشد للجماعة، ويعلق على الخطوة التى اتخذها الأجانب بدعم جماعة الإخوان مالياً فى بداياتها الأولى بقوله: «ظنوها دروشة»، على أساس أن «الدروشة» تعكس رؤى وطقوساً خرافية للدين.

دعونا نفصل القول فى «الخيط الأدهمى» الذى أتى فى سياق حديث مؤرخ الإخوان عن البدايات الأولى للجماعة على يد حسن البنا، وهو خيط الدروشة. حدثتك أن الدروشة مكون أساسى من مكونات «العقل الأدهمى»، وأن الخديو إسماعيل حاول أن يقاوم عادة «الدوسة» ولم يفلح. وهى العادة التى يتمدد فيها المريدون على الأرض بعد حفلات الزار الجماعى ليطأهم شيخ الطريقة بحوافر الفرس الذى يمتطيه، فيدق عظم هذا ويسحق رأس ذاك. الدروشة ببساطة تعنى التسليم -بلا عقل أو تفكير- لشخص أو جماعة أو صاحب مقام أو صاحب موقع أو صاحب فضيلة، فالشخص أو الصاحب -موضع الدروشة- شيخ فى قبر أو آخر يسعى، قد يكون قائداً أو زعيماً أو مرشداً، قد يكون أيضاً غير ذلك. وفى المجمل تعبِّر الدروشة عن حالة تدفع المريد إلى تسليم زمام أمره إلى صاحب الساحة التى يتدروش فيها.

منذ أن بدأ نشاطه سعى حسن البنا إلى مغازلة هذا الخيط الأدهمى، فقدم جماعته كجماعة صوفية تسعى إلى ترقيق القلوب عبر الأوراد والأذكار، والسياحة فى أرض الله وقضاء الليالى فى الخلاء، وتذكر الله تعالى والتأمل فى المشاهد المحيطة، وإطلاق العنان للخيال ليسرح فى جنان الخلد وما فيها من نعم وأطايب وحياة رخوة ذلول، تماماً مثلما كان يفعل «أدهم» -بطل الحكاية الأولى من «أولاد حارتنا»- بعد طرده من البيت الكبير عندما كان يخلو إلى نفسه فى ساعات الليل فيذكر «الجبلاوى» والحديقة والحياة الأجمل والأرشد والأعدل التى كان عاشها فى البيت الكبير. ومن خلال هذه الطقوس الصوفية وضع الشيخ حسن البنا البذرة الأولى لجماعته وتمكن من جمع المريدين من حوله على أساس أنه صاحب طريقة.

وضع «المريد» هو الخطوة الأولى ضمن سلسلة خطوات يقطعها العضو المنضم إلى حلقة الذكر الإخوانى ليصبح فى النهاية «جندياً» من جنود الجماعة يسمع ويطيع للمرشد، كما يسمع ويطيع «المريد» لشيخ طريقته. لقد اخترق «البنا» تلك المساحة المعتمة فى النفس الأدهمية التى تدفعها دائماً إلى التسليم للشيخ والتمرغ على أعتابه، وللأب داخل البيت، وللكبير داخل العائلة، وللمعلم داخل حلقة العلم. إنها الثقافة التى رضعها «الأداهم» منذ لحظات الميلاد الأولى، ثقافة «اسمع كلام فلان وعلان ولا تجادل». نجح «البنا» فى استقطاب هذا النوع من الأداهم نجاحاً كبيراً، لأنه ببساطة استطاع أن يبصر ويتوقف أمام ما يبصره الجميع ويعبرون عليه!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدهم ودراويش الإخوان أدهم ودراويش الإخوان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon