توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جيل «جوكر»

  مصر اليوم -

جيل «جوكر»

بقلم: د. محمود خليل

فى إطار مفاهيم وفرضيات العولمة يصح النظر إلى «الجيل زد» من مراهقى مصر وشبابها كجزء من شباب العالم، فهو يتقاسم مع شباب المجتمع العالمى المعاصر سمات تزيد كماً ونوعاً عما يتشارك فيه من سمات مع الأجيال السابقة فى مصر المحروسة. المثال القريب الذى يمكن أن نقدمه فى هذا السياق هو فيلم «جوكر» الذى حظى بجماهيرية كبيرة بين شباب العالم، ومن بينه الشباب المصرى. والفيلم -لمن لم يشاهده- يدور حول شخصية ممثل كوميدى فاشل، يعانى من أوجاع نفسية متنوعة نتيجة التهميش الذى يعيشه وأمثاله داخل مدينة «جوثام»، وتسوقه نفسه المتعبة والمحطمة إلى العنف والفوضى فيتورط فى قتل ثلاثة أشخاص ثم يقتل واحداً من أشهر مذيعى برامج التوك شو الكوميدية «روبرت دنيرو»، ولأنه كوميدى فقد اعتاد أن يرسم وجهه بما يجعله أشبه بمهرِّجى السيرك، وفيما بعد يتحول وجهه إلى أيقونة ويتم إنتاج قناع شبيه به يرتديه المهمَّشون داخل المدينة فى لحظة قرروا فيها تحطيم وحرق أملاك الأغنياء والمترفين، هؤلاء الذين يعتبرونهم مصاصى دماء!.

يشتمل الفيلم على مشاهد عنف عديدة، ويبرر للمهمَّشين تبنِّى فكر تدميرى فى مواجهة الموسرين المترفين. وبعيداً عن الأبعاد الدعائية والفنية، وربما أيضاً الفكرية للفيلم الذى يقترب من الفكر الأناركى، فقد راق قطاعاً كبيراً من الشباب المصرى على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، تماماً مثلما راق شباباً فى مجتمعات أخرى.

وقد يكون تفسير ذلك مرده سعى صنّاعه إلى العمل على تلك المساحة النفسية المشتركة الذى تتشعب داخل نفوس الشباب إلى أحاسيس مختلفة من الإحباط واليأس والتهميش وأحياناً الضياع. لا أستطيع أن أحكم على الفيلم -من الناحية الفنية- إلا كمشاهد أبهره الإخراج والموسيقى وروعة الأداء، لكن الفكرة الأخطر التى استوقفتنى تتعلق بفكرة «إسقاط المؤسسة» وتبرير العنف فى مواجهتها، وأخشى أن أقول إن نسب المشاهدة العالية التى حققها الفيلم تؤشر إلى أن الفكرة غازلت مكنوناً معيناً داخل نفوس الشباب.

مفهوم المؤسسة فى هذا السياق لا يتحدد فى المؤسسة الرأسمالية ومؤسسات الضبط المتفرعة عنها والتى تعمل فى خدمتها، بل يتمدد إلى مؤسسات أبعد، مثل مؤسسات الأسرة والتعليم والدين والأحزاب، ويتمدد فى أحوال أخرى إلى مؤسسات الدولة ذاتها.

ولا يخفى على أحد أن قطاعاً من شباب المحروسة يتمتع بدرجة واضحة من التمرد على فكرة المؤسسة. وللإنصاف فإن التمرد فى هذه الحالة لا يعبّر عن طبيعة داخل نفوس الشباب وفقط، بل يظهر -فى جانب منه- كرد فعل على مستوى الأداء غير المرضى للمؤسسة ذاتها. والمشكلة الأكبر أن الشباب الذى أعجبته فكرة الفوضى والعنف ضد المؤسسة فى فيلم «جوكر» لم يتوقف ويفكر فى البديل حال تدميرها أو التخلص منها، فهو يتوقف فيما يبدو عند حد التمرد والمواجهة العنيفة دون أن يتطرق تفكيره إلى خلق البدائل القادرة على إحداث التوازن أو العدل الذى يحلم به، ولا يفهم أن التوازن والعدل لن يتحققا فى التحليل الأخير إلا عبر مؤسسات جديدة تؤدى بشكل مختلف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيل «جوكر» جيل «جوكر»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon