توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تهذيب سلوك التاجر

  مصر اليوم -

تهذيب سلوك التاجر

بقلم : د. محمود خليل

عندما تجد وضعاً خاطئاً فشلْت فى تصحيحه، فليس مطلوباً منك بذل المزيد من الجهد فى تقويمه. يكفى جداً أن تعبُر عليه وسوف يصحِّح نفسَه بنفسه. فمثل الخطأ كمثل النار القادرة على أكلِ نفسها بنفسها. أقول ذلك بمناسبة حالة الصخب المثارة حول حملة «خلّيها تصدى». لستُ أختلف بحال على الوعى الذى ولَّدته لدى المستهلك، لكن الأصل فى تراجع الإقبال على شراء السيارات يجد تفسيره فى ضعف القدرة الشرائية، بعد أن أصبح المواطن مضطراً إلى إعادة ترتيب جدول أولويات إنفاقه ليوجهها إلى الضرورات والأساسيات، ويزهد فى الكماليات.

بعض التجار يحذرون من التأثيرات السلبية لتراجع عمليات الشراء، وانضم إليهم بعض الأصوات الإعلامية التى دخلت على خط التحذير من تراجع مستوى الطلب على السيارات وتأثيره على دورة رأس المال، وما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج على صغار الموظفين والعاملين فى سوق السيارات. هى وجهات نظر بالطبع، ولكن تظل قدرة هذا النوع من الطرح على معالجة الأزمة محدودة وقاصرة، لأنها لا تتعامل مع الأسباب المباشرة التى أدت إلى إحجام المواطن عن الشراء، وجوهرها الأرباح المبالغ فيها التى أدرك المستهلك أن التجار يحصلون عليها من البيع بالغلاء والكواء.

نشاط الجمهور فى البحث عن المعلومات يتزايد عند وجود أزمات. وخلال السنوات الأخيرة واجه الكثيرون -من أفراد الطبقة الوسطى- أزمة عجز عن تدبير ثمن لشراء سيارة، جعلتهم مستقبلين جيدين للمعلومات التى تشير إلى الأرباح السماوية التى يحصل عليها تجار السيارات، وهى أرباح تقترب فى أحوال من ثمن شراء السيارة من الخارج مضافاً إليها تكلفة الشحن والجمارك والرسوم وغير ذلك. لسنوات طويلة ظل التجار يحصدون هذه المكاسب المبالغ فيها دون أى ضجر من جانب المستهلك، لأنه كان يملك القدرة على الشراء. اختلفت الأوضاع مؤخراً، واتجه المفلس إلى التفتيش فى دفاتره القديمة، فوجد فيها إشارات عديدة إلى المبالغ الهائلة التى يربحها التجار، فقرر معاقبتهم. الجمهور لا يعدم وسيلة لعقاب مَن يؤلمه. وكلما امتدت مساحات العجز زادت وخزات الألم.

حملات أخرى شبيهة بحملة «خلّيها تصدى» طفرت على السطح خلال الأيام الماضية، بعضها لم يلتفت إليها الناس بسبب سخافة فكرتها، مثل حملة «خلّيها تعنس»، وأخرى لم يهتم الناس بها بسبب تفاعلها مع سلع ما زال المستهلك يمتلك القدرة على شرائها. من الوارد أن تمتد مساحات العجز عن الشراء إلى سلع جديدة خلال الأيام القادمة لتعانى أسواقها مما يعانى منه سوق السيارات الآن. وفى ظنى أننا بصدد تحوُّل مفيد فى سلوكيات الناس. فالمقاطعة سلاح لا بأس به فى مواجهة الغلاء، بمقدوره أن يدفع التجار إلى نوع من الاعتدال فى حجم الأرباح التى يبحثون عنها. تهذيب سلوك المستهلك يؤدى فى مرحلة تالية إلى تهذيب سلوك التاجر. وبمرور الوقت سوف تعدل السوق نفسها، وتعود دورة رأس المال إلى العمل بالصورة المعتادة وبالشكل المعقول والمنطقى.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهذيب سلوك التاجر تهذيب سلوك التاجر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon