توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نجح «السادات»؟

  مصر اليوم -

كيف نجح «السادات»

بقلم : د. محمود خليل

بكل المقاييس، لم يكن «السادات» شخصاً عادياً فى تركيبته، أو تجربته فى الحياة. امتاز الرجل بنوع من النضج المبكر والحكمة العميقة التى علّمته درساً مهماً من دروس الحياة، درس «البدء من تحت»، أو «الانطلاق من أول السلم»، والبعد عن القفزات السريعة غير الموضوعية. خلافاً لكل أعضاء مجلس قيادة ثورة 1952، اختار «السادات» لنفسه أدواراً بسيطة تحصّنه من اللمعان أمام النجم الأوحد حينذاك جمال عبدالناصر. الحياة علمته أن كل شىء قابل للتغيير، وأن الكلمة النهائية فيها ليست للأشخاص، بل للظروف والأحداث، وأن الشخص يؤدى بإملاء الظرف أكثر مما يتحرك بإرادته الذاتية.

تدافعت أحداث، وتباينت ظروف أدت بالسادات إلى الجلوس مكان جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة (1970). كان من الطبيعى أن ينشغل أكثر ما ينشغل بموضوع تحرير الأرض، فلا صوت كان يعلو حينذاك فوق صوت المعركة. انطلق الرجل من الدرس الذى علمته الحياة، فبدأ من تحت. توجه مباشرة إلى الجندى المصرى، فأعاد له الثقة بنفسه واهتم بتدريبه وإعداده للمعركة الفاصلة، أفسح المجال لكل الأفكار المطروحة فى مواجهة لغز العبور وتدمير خط بارليف، نفذ فكرة تمخضت عنها قريحة أحد ضباط الاحتياط حينذاك «زكى باقى» باستخدام مضخات المياه فى فتح ثغرات فى خط بارليف، استخدم كل الحيل المقترحة فى عملية الخداع الاستراتيجى للعدو، ثم صعد أكثر على السلم، وتخلص من كل القادة الذين أرادوا توفير أدوات كاملة لخوض معركة شاملة تؤدى إلى تحرير كل سيناء، اعتبرهم غير واقعيين، وأتى بقادة جدد يستوعبون وجهة نظره فى خوض معركة محدودة تتناسب مع إمكانياتنا فى ذلك الوقت، وهى إمكانيات لم تكن تتيح لنا أكثر مما فعلناه. أجاد «السادات» فى التخطيط للمعركة، كما نجح فى إدارة فعالياتها، ليحقق أكبر وأخلد وأول نصر عربى على العدو الصهيونى. نصر اعترف به العدو قبل الصديق.

ذكر «السادات» فى أحد خطاباته بعد الحرب أنه ظل 10 أيام كاملة يحارب أمريكا، وكانت تلك حقيقة واضحة للجميع، ورغم ذلك ظل الرجل قابضاً على النصر الذى حققه، ومستمسكاً بالأرض التى حررها، ورفض بشكل قاطع فكرة المغامرة أو المقامرة بالعسكرى المصرى بعد حصار الدفرسوار. استدعى نظريته فى الحياة، نظرية «الانطلاق من أول السلم»، ولجأ إلى وضع جميع الحقائق أمام الشعب، واقتنع الجميع بمنطقه ومسلكه فى إدارة المعركة، ومنحوه ثقتهم كاملة.

مثّل نصر أكتوبر حجر الأساس فى الشرعية السياسية للرئيس السادات، بعدها بدأ فى التحرر من قميص عبدالناصر، وبدأ يدير البلاد طبقاً لرؤيته. هذا الأمر كان يزعج الكثيرين ممن أطلق عليهم السادات «المتمسّحين بقميص عبدالناصر»، لكن الرجل لم يأبه، وانطلق فى تنفيذ خطته فى استعادة باقى الأرض عبر التفاوض، حتى نجح نجاحاً كاملاً فى ذلك. وفى اللحظة التى تخلى فيها السادات عن نظريته فى البدء من أسفل وشرح وتفسير سياساته وإجراءاته للناس، كتب القدر كلمة النهاية فى تجربته، ليلقى وجه ربه شهيداً على أيدى مجموعة من المهاويس المتأسلمين، لم يشرح لنا السادات لماذا أبقى عليهم ضمن مكونات المشهد السياسى؟!.. رحم الله قائد نصر أكتوبر المجيد.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نجح «السادات» كيف نجح «السادات»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon