توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أطفال «سيد قطب»

  مصر اليوم -

أطفال «سيد قطب»

بقلم: د. محمود خليل

علاقة بعض أطفال الستينات والسبعينات بسيد قطب وما ارتبط به من حكايات ارتقت فى بعض الأحوال إلى منصة الأساطير علاقة تثير العجب.

استمع «أيمن الظواهرى» مثل بعض أطفال الستينات والسبعينات إلى بعض الكبار وهم يتحدثون عن سيد قطب. الأحاديث داخل الأسر المصرية حول الرجل اشتعلت بعد القبض عليه عام 1965 وتصدَّر مانشتات أخبار التحقيق معه الصفحات الأولى للجرائد اليومية، وكذلك نشرات الأخبار بالراديو والتليفزيون، وظلت الحال كذلك حتى صدر الحكم عليه واثنين من رفاقه بالإعدام، وعبر وسائل الإعلام تابع الناس خبر تنفيذ الحكم فيهم.

موضوع محاكمة سيد قطب ثم إعدامه شغل بعض الأسر فى مصر، ربما تجد صدى لذلك فى تلك الحوارات المستترة التى كانت تدور داخل أسرة «حامد أفندى برهان» فى رواية «الباقى من الزمن ساعة» للمبدع نجيب محفوظ. ستجد نجله المحامى الإخوانى محمد ينفجر فى وجه زوج شقيقته بعد 1967 متحدثاً عن قتل المسلمين!. وهى ذات العبارة التى تجد «لورانس رايت» يذكر أن أيمن الظواهرى قذف بها فى وجه حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية حينذاك، عندما عرض على أيمن وشقيقه وهما صغيران توصيلهما، حين رآهما يسيران فى أحد شوارع المعادى، حيث كان يسكن «الشافعى» أيضاً، قال أيمن له: «إننا لا نريد أن يقلنا الرجل الذى شارك فى المحاكمة التى قتلت المسلمين». ويشير «رايت» إلى أن هذه الواقعة ربما تكون حدثت بعد إعدام سيد قطب رحمه الله.

الأحاديث عن سيد قطب داخل الأسر المصرية أواخر الستينات والسبعينات كانت مختلفة المشارب، فهناك أسر كانت تتبنى رؤية «عبدالناصر» وثورة يوليو فى النظر إلى الإخوان كرأس حربة للرجعية العربية، وترفض الأفكار الملغمة التى احتشد بها كتاب «معالم فى الطريق»، والتى تحدثت عنها بعض الصحف. وهناك أسر أخرى لم تنشغل بأفكار سيد قطب أو تنظيمه، ولم تهتم بالمعرفة عنهما، قدر ما انشغلت بالحديث عن جانب المأساة فى إعدام رجل ستينى مريض، بالإضافة إلى التهامس بما تعرض له من تعذيب، رغم أن صوره التى كانت تنشرها الجرائد، أو سجلتها كاميرات التليفزيون لا تشى بذلك، بل تقدم لنا رجلاً يسير على قدميه بكامل هيئته ولا يبدو عليه وهو يقف فى قفص الاتهام آثار تعذيب.

أغلب الأسر التى أبدت تعاطفاً مع سيد قطب لم يكن أفرادها -على الأرجح- يعرفون شيئاً عن أفكاره، واعتراهم نوع من التشكك فيما تنشره الصحف حول اعترافاته وأفراد تنظيمه من تخطيط لقلب نظام الحكم، وكان يحركهم فى الأغلب نوع من الرفض لنظام ثورة يوليو، فأبدوا نوعاً من التأثر بسياقات إعدامه، وما لاكته بعض الألسنة من حكايات حول تعذيبه ورفاقه فى السجن.

حكايات كثيرة ألهبت خيال بعض أطفال ذلك الوقت، ومنهم أيمن الظواهرى، حول ما سمعوه من الكبار عن سيد قطب، وهى حكايات لم يقلل من تأثيرها زيادة مساحات الخيال بها، بل على العكس زادت منه، حكايات عن الرجل الذى ردد حين عرض عليه رسل جمال عبدالناصر كتابة اعتذار عما فعل: «إن الأصبع التى تشهد بالوحدانية لله تأبى أن تكتب اعتذاراً لجمال»، وأنه قال للشيخ الذى أراد تلقينه الشهادة قبل الإعدام: «وهل ساقنا إلى منصة الإعدام غير الإيمان بلا إله إلا الله!»، أو ذلك الكلام الذى ردده البعض بعد 67 من أن «الله لا ينصر من أعدم سيد قطب فى معركة يدخلها».

لا خلاف على الدور الذى قامت به جماعة الإخوان فى تغذية هذه الحكايات التى لا نعرف الصادق من الكاذب فيها، لكن رائحة الخيال تفوح منها لأى عقل متأمل، وهو خيال يتحول إلى لهيب فى عقل ووجدان طفل، يمنحه من حوله شعوراً بالعظمة والعبقرية كما كان يفعل المحيطون بأيمن الظواهرى، بالإضافة إلى غرامه الذاتى بالتفوق على الجميع.

ومن اللافت أن تجد أن أغلب من تأثروا بهذه الحكايات وهم أطفال هم من ترجموا أفكار سيد قطب إلى لهيب ونار (صالح سرية - شكرى مصطفى - عصام القمرى، وغيرهم) عندما شبوا وخرجوا عن الطوق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال «سيد قطب» أطفال «سيد قطب»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon