توقيت القاهرة المحلي 00:28:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آلة التعصب

  مصر اليوم -

آلة التعصب

بقلم: د. محمود خليل

خلق الله تعالى الإنسان ليحيا ويعيش ويؤمن بحق غيره فى الحياة.

التدين الحقيقى يعنى الاعتراف بالآخر وبكافة حقوقه فى الحياة والتعايش معه. وفكرة التعايش هى فكرة قائمة ومدعومة بتوجيهات كافة الأنبياء والرسل، فإيمان الذات لا يعنى نفى إيمان الآخر: «لكم دينكم ولى دين».

«التعايش بين البشر» هو الشكل الطبيعى للحياة، لكن فى بعض الأحيان وتحت وطأة ظروف خاصة يغطى مفهوم التعصب لدى بعض الفئات على مفهوم التعايش.

ويستمد مفهوم التعصب جذوره من عقل شعبى، يعتمد على تمجيد الذات ونفى الآخر. وارتفاع درجة التعصب لدى الإنسان تعنى البعد عن الدين الحقيقى والاقتراب بدرجة أكبر من أفكار اجتماعية مغلوطة تشجع حالة التحيز للفئة التى ينتمى إليها.

فالتعصب يعنى ابتعاد الإنسان عن العقيدة الدينية التى أمره الله باتباعها ليقترب أكثر من العقيدة الشعبية للقبيلة أو العائلة أو الجماعة أو الفئة التى ينتمى إليها.

وإذا كان الإيمان الدينى مسألة فردية بين العبد وربه فإن العقيدة الاجتماعية حالة جماهيرية تتلاشى فيها ذات الفرد، وتأخذ فى الذوبان فى الأفكار الشعبية للجماعة التى ينتمى إليها.

فالدين يُعلى من قيمة الفرد، أما المجتمع فيسحقه تحت عجلاته وبين تروسه، لذلك نجد أن الفرد العادى يتعايش بعفوية وتلقائية مع الآخر المختلف عنه فى العقيدة، ونجد أن مفاهيم كالصداقة والجيرة والزمالة تجمع بين الأفراد المختلفين دينياً دون أية مشاكل.

تبدأ المشاكل فقط فى الظهور عندما يعود كل فرد إلى الجماعة التى ينتمى إليها، حيث تبدأ آلة التعصب فى العمل، ليتم التخلى عن مفهوم التعايش الذى أقره الدين إلى مفهوم التعصب الذى تتبناه الجماعة.

والجماعة المغلقة على نفسها لا يمكن أن تنجح فى نشر التعصب بين أفرادها إلا إذا وجدت المناخ المشجع والمحفز على ذلك. وهنا يظهر دور كل من الساسة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.

على الساسة أن يُمسكوا ألسنتهم عن التصريحات التى تؤدى إلى توسيع الشقة بين الفصائل والمجموعات الدينية والعرقية المختلفة داخل بلادهم.

كما أن الإعلام الفضائى، وأخص منه القنوات الدينية، مطالب بالبعد عن تغذية فكرة التعصب واستثمارها وتحويلها إلى أحداث يمكن أن يعيش عليها الغول الإعلامى المعاصر بعض الوقت.

ويضاف إلى وسائل الإعلام بعض مواقع التواصل الاجتماعى وما تنشره من معلومات وأفكار مسيئة تؤدى إلى إلهاب مشاعر الشباب، وهو الأكثر استخداماً لهذه الوسيلة.

الرسالة الإعلامية المتعصبة يتلقفها مواطن يعيش فى شارع يزدحم بالاحتقانات، وهو مواطن لا يمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة مصادر الضغط عليه، فلا يكون أمامه سوى التنفيس بالفتنة المرتكزة على الدين، لأن الدين ما زال هو الأداة القادرة على منح الناس القدر الأكبر من شجاعة المواجهة.

التعصب يدفع الناس للمواجهة بصورة تفوق قدرة المظالم أو المغانم على تحريكهم. فوتر التعصب الشيطانى هو الفائز دائماً. وهو وتر تجيد العزف عليه جهات ومؤسسات ودول تريد تغذية تلك الآفة المسماة بـ«التعصب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلة التعصب آلة التعصب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon