توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آلة التعصب

  مصر اليوم -

آلة التعصب

بقلم: د. محمود خليل

خلق الله تعالى الإنسان ليحيا ويعيش ويؤمن بحق غيره فى الحياة.

التدين الحقيقى يعنى الاعتراف بالآخر وبكافة حقوقه فى الحياة والتعايش معه. وفكرة التعايش هى فكرة قائمة ومدعومة بتوجيهات كافة الأنبياء والرسل، فإيمان الذات لا يعنى نفى إيمان الآخر: «لكم دينكم ولى دين».

«التعايش بين البشر» هو الشكل الطبيعى للحياة، لكن فى بعض الأحيان وتحت وطأة ظروف خاصة يغطى مفهوم التعصب لدى بعض الفئات على مفهوم التعايش.

ويستمد مفهوم التعصب جذوره من عقل شعبى، يعتمد على تمجيد الذات ونفى الآخر. وارتفاع درجة التعصب لدى الإنسان تعنى البعد عن الدين الحقيقى والاقتراب بدرجة أكبر من أفكار اجتماعية مغلوطة تشجع حالة التحيز للفئة التى ينتمى إليها.

فالتعصب يعنى ابتعاد الإنسان عن العقيدة الدينية التى أمره الله باتباعها ليقترب أكثر من العقيدة الشعبية للقبيلة أو العائلة أو الجماعة أو الفئة التى ينتمى إليها.

وإذا كان الإيمان الدينى مسألة فردية بين العبد وربه فإن العقيدة الاجتماعية حالة جماهيرية تتلاشى فيها ذات الفرد، وتأخذ فى الذوبان فى الأفكار الشعبية للجماعة التى ينتمى إليها.

فالدين يُعلى من قيمة الفرد، أما المجتمع فيسحقه تحت عجلاته وبين تروسه، لذلك نجد أن الفرد العادى يتعايش بعفوية وتلقائية مع الآخر المختلف عنه فى العقيدة، ونجد أن مفاهيم كالصداقة والجيرة والزمالة تجمع بين الأفراد المختلفين دينياً دون أية مشاكل.

تبدأ المشاكل فقط فى الظهور عندما يعود كل فرد إلى الجماعة التى ينتمى إليها، حيث تبدأ آلة التعصب فى العمل، ليتم التخلى عن مفهوم التعايش الذى أقره الدين إلى مفهوم التعصب الذى تتبناه الجماعة.

والجماعة المغلقة على نفسها لا يمكن أن تنجح فى نشر التعصب بين أفرادها إلا إذا وجدت المناخ المشجع والمحفز على ذلك. وهنا يظهر دور كل من الساسة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.

على الساسة أن يُمسكوا ألسنتهم عن التصريحات التى تؤدى إلى توسيع الشقة بين الفصائل والمجموعات الدينية والعرقية المختلفة داخل بلادهم.

كما أن الإعلام الفضائى، وأخص منه القنوات الدينية، مطالب بالبعد عن تغذية فكرة التعصب واستثمارها وتحويلها إلى أحداث يمكن أن يعيش عليها الغول الإعلامى المعاصر بعض الوقت.

ويضاف إلى وسائل الإعلام بعض مواقع التواصل الاجتماعى وما تنشره من معلومات وأفكار مسيئة تؤدى إلى إلهاب مشاعر الشباب، وهو الأكثر استخداماً لهذه الوسيلة.

الرسالة الإعلامية المتعصبة يتلقفها مواطن يعيش فى شارع يزدحم بالاحتقانات، وهو مواطن لا يمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة مصادر الضغط عليه، فلا يكون أمامه سوى التنفيس بالفتنة المرتكزة على الدين، لأن الدين ما زال هو الأداة القادرة على منح الناس القدر الأكبر من شجاعة المواجهة.

التعصب يدفع الناس للمواجهة بصورة تفوق قدرة المظالم أو المغانم على تحريكهم. فوتر التعصب الشيطانى هو الفائز دائماً. وهو وتر تجيد العزف عليه جهات ومؤسسات ودول تريد تغذية تلك الآفة المسماة بـ«التعصب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلة التعصب آلة التعصب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon