توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأشعري».. وأسطورة الرجل الطيب

  مصر اليوم -

«الأشعري» وأسطورة الرجل الطيب

بقلم: د. محمود خليل

كان أبوموسى الأشعري هو الاستثناء الوحيد من النهج الذي انتهجه الخليفة الثالث عثمان بن عفان بتعيين أقاربه ولاة على الأمصار الكبرى والتي كانت تشمل مصر والشام والكوفة والبصرة، حيث عيّن ولاة أمويين على كل من مصر والكوفة، واستثنى من التغيير قريبه معاوية الذي سبق أن عيّنه عمر بن الخطاب والياً على الشام، والعلاقة العائلية بين معاوية وعثمان معلومة بالضرورة، وعيّن أبوموسى الأشعري والياً على البصرة.

وعندما اشتدت المحنة وأصبحت الدماء بحوراً بين المسلمين المتقاتلين في موقعة «صفين» كانت الدعوة إلى التحكيم التي أطلقها عمرو بن العاص. واتفق الفريقان على المحكمة، فوكّل معاوية عمرو بن العاص (صاحب الفكرة)، وأراد «علي» أن يوكل عبدالله بن عباس فمنعه القراء (الخوارج في ما بعد)، وقالوا: لا نرضى إلا بأبي موسى الأشعري.

اجتمع الحكمان في «دومة الجندل» وأخذا في التشاور وانتهيا إلى خلع كل من معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب على أن يختار المسلمون لأنفسهم خليفة لم يتورط في دم. وخرج الاثنان ليعلنا للناس نتيجة التحكيم، فتقدم «أبوموسى» وقال: لقد اتفقت على خلع علي، ومن بعده تقدم عمرو بن العاص، وقال: وأنا اتفقت على تثبيت صاحبي، فيصرخ فيه أبوموسى قائلاً: إن مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، فيرد عليه عمرو: ومثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً.

حاول المؤرخون رسم أبي موسى الأشعري في صورة «الرجل الطيب» الذي خدعه الداهية عمرو بن العاص، لكن الرباط الذي كان يربط «الأشعري» بالعائلة الأموية والذي دفع «عثمان» إلى تعيينه والياً على البصرة من خارج العائلة، يجعلنا نتحفّظ بعض الشيء على مسألة «الطيبة» تلك. فعلاقته بالعائلة ثابتة. ويحكي الذهبي في «سير الأعلام النبلاء» عن عكرمة، قال: «حكّم معاوية عمرو (يقصد عمرو بن العاص)، فقال الأحنف لعلي: حكّم ابن عباس، فإنه رجل مجرب. قال: أفعل. فأبت اليمانية، وقالوا: حتى يكون منا رجل. فجاء ابن عباس إلى علي، فقال: علام تحكم أبا موسي، لقد عرفت رأيه فينا، فوالله ما نصرنا، وهو يرجو ما نحن فيه، فتدخله الآن في معاقد أمرنا، مع أنه ليس بصاحب ذلك».

الرواية السابقة التي رواها «الذهبي» تشهد على احتمالية أن التحكيم لم يشهد خدعة، بل على العكس فقد كان عداء «الأشعري» لعلي ظاهراً، وانحيازه إلى «معاوية» سافراً، وبالتالي يصح أن نُشكك في مسألة «الطيبة» التي تعلل بها بعض المؤرخين في تفسير النتيجة التي تمخّض عنها التحكيم، وحتى مع قبول نتيجة التحكيم بخلع علي ومعاوية، فإن الأمر لا يخلو من انحياز ضد علي من جانب «أبي موسى»، فكيف يتساوى رأس الخليفة مع رأس الوالي؟.

ويقول «الذهبي»: «اجتهد الأشعري قبل موته اجتهاداً شديداً، فقيل له: لو أمسكت ورفقت بنفسك؟ قال: إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها، أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأشعري» وأسطورة الرجل الطيب «الأشعري» وأسطورة الرجل الطيب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon