توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرحلة الأدهمية لـ«ابن زغلول»

  مصر اليوم -

الرحلة الأدهمية لـ«ابن زغلول»

بقلم : محمود خليل

هل تمتع سعد زغلول بروح أدهمية.. كما كانت الحال بالنسبة لأحمد عرابى؟. لا أريد أن أبالغ وأقول إن «سعداً» كان موغلاً فى الأدهمية أكثر من «عرابى»، لكنه فى كل الأحوال كان صاحب روح أدهمية عميقة. مثل «عرابى» انتمى سعد باشا إلى فئة الفلاحين المصريين. ومثله أيضاً كان واحداً من صنائع الخديو سعيد حين أصدر اللائحة السعيدية ومنح الفلاح المصرى حق تملك الأرض الزراعية بعد سنين حرمان من ذلك قضاها فى عهد الوالى الكبير محمد على. بفضل هذه اللائحة امتلكت عائلة عرابى عدة أفدنة بقرية «هرية رزنة»، وأيضاً تملكت عائلة سعد باشا عدة أفدنة داخل قرية «إبيانة»، التى كان أبوه عمدة لها. شارك «سعد» فى ثورة عرابى، وبعد هزيمتها انضم إلى معسكر «الأداهم المحبطين» الذين آثروا فيما بعد أن يرجحوا السياسة على الصدام. وجد أن ذلك أنسب لتركيبته النفسية والمزاجية، وكانت تركيبة ومزاجاً يؤثر العيش الهادئ الناعم على ما عداه. كان شأنه شأن «أدهم»، بطل رواية «أولاد حارتنا»، الذى نفذ طين الخلاء إلى خياشيمه، عارك الحياة وتصادم معها قدر ما يستطيع، لكنه فى النهاية آثر السلامة وظل يحلم بالعودة إلى الحياة الوادعة بين الحديقة والناى.

بعد فشل ثورة عرابى سلك سعد باشا مسلكاً مختلفاً فى الحياة، فاتجه إلى السياسة وتاق إلى الوزارة وإلى مجلس النواب، لكن كان عليه أن يستكمل خطوة مهمة تؤهله لدخول هذا المعترك، وهى خطوة الزواج. تزوج سعد باشا من صفية هانم فهمى، ابنة مصطفى باشا فهمى، رئيس الوزراء الذى أطاح به الخديو عباس حلمى من موقعه، ووصفه فى مذكراته بأنه رجل الإنجليز وعدو الدولة العثمانية، هذه الخطوة رفعت سعد باشا من مصاف «الأداهم المتوسطين» إلى مرتبة «الأداهم الكبار». وبعد أن وصل سعد باشا إلى مقعد الوزارة (وزيراً للمعارف ثم وزيراً للحقانية) طمح إلى خطوة أبعد. وإذا كانت الظروف قد خذلت «عرابى» فى تجربته الثورية، فقد واتت الفرصة «سعداً» وساعدته الظروف المعيشية العسيرة التى عاشها الأداهم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى على القفز إلى الأمام خطوة لينال لقب «دولة الرئيس». تمرد «الأداهم» عام 1919 على الأوضاع التى وصلوا إليها بسبب الاحتلال من ناحية وأداء السلطان من ناحية أخرى. وكان السبب المباشر لثورتهم القبض على شخص اعتبروه «كبير الأداهم»، نظروا إليه فرأوه شخصية تختزن ملامح تجربتهم. وقد كانت شخصية سعد باشا أمينة فى التعبير عن حال الأداهم المصريين حينذاك.

سيرة حياة سعد زغلول تتقاطع فى مواضع عديدة مع «أدهم»، بطل الحكاية الأولى من «أولاد حارتنا». طفولة عادية تتحرك بتوجهات الأب، وشاب ثائر فائر يدافع عن المثاليات، ثم تجربة موجعة محبطة يرتطم فيها الرأس بصخرة الواقع فتدفع بصاحبها إلى التخلى عن الأحلام المثالية ليصبح أكثر واقعية، ومن الواقعية يتعلم المرء السياسة وحيل الحياة لتبدأ دورة الطموح الشخصى فى العمل، وبعد تحقيق الكثير من الأحلام الشخصية يبدأ الإنسان فى الزهد فى الأشياء فينخرط فى دائرة الحلم العام للمجتمع الذى يعيش فيه، بحثاً عن حسن الختام، وبعد رحلة تطول أو تقصر ينتهى الأمر بالرحالة إلى الزهد فى الحياة ذاتها، والاطمئنان إلى حقيقة أن الموت هو الواحة الكبرى التى يستريح فيها الإنسان من «وعد الشقاء» فى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحلة الأدهمية لـ«ابن زغلول» الرحلة الأدهمية لـ«ابن زغلول»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon