توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حاجة فى نفس «أدهم»

  مصر اليوم -

حاجة فى نفس «أدهم»

بقلم : محمود خليل

«أدهم» ابن الوظيفة الميرى كان سراً خاصاً من أسرار ثورة 1919. علّمته تجربته الوظيفية التى بدأت مع الوالى الكبير محمد على أن الهدوء واستقرار الأوضاع خير وأبقى له من الاضطرابات والاحتجاجات التى تُقلق حياته الآمنة بالدخل الثابت والمطمئنة بقبض المرتب أول كل شهر. عندما اندلعت أحداث ثورة «عرابى» لم يشارك فيها «الأداهم الموظفون»، بل قل إنهم كانوا أكثر فريق عاب عليه ما فعل، وكالوا له الاتهامات، وعلى رأسها التسبّب فى احتلال البلاد، كان شأنهم شأن الموظفين فى كل زمان ومكان يبحثون عن السبب الأسهل والأقرب ويتعلقون به. أنكر الموظفون على من شاركوا فى «هوجة عرابى» اندفاعهم غير المحسوب، بل أخذوا يدافعون عن الأجانب وانضباطهم فى العمل والتزامهم بالنظام فى وقت يفضل فيه العامة والدهماء الفوضى التى تساعدهم على الانفلات والسلب والنهب والخطف! مشاركة الأداهم الموظفين فى ثورة 1919 كانت حدثاً فريداً من نوعه، فقد كانت تلك المرة الأولى التى يتحركون فيها هذا التحرك، ويضربون عن العمل لمدة 3 أيام، مشاركة منهم فى الفعاليات التى شهدها الشارع المصرى حينذاك، لكن المضحك فى الأمر أن الأيام أثبتت أن المشاركة فى الثورة كان أساسها حاجة فى نفس «أدهم الموظف»، فلما قضاها اختلف موقفه، وكان سحب الموظفين من الشارع أول خطوة فى تفكيك «الكتلة الأدهمية» التى تلاحمت ضد سلطة الاحتلال.

فى بداية إضراب الموظفين، حاولت الحكومة إثناءهم عن ذلك وإقناعهم أن هذه الخطوة لا تليق بتاريخهم وأن من واجبهم ألا يؤدوا كما يؤدى الغوغاء، لكنهم أصروا على موقفهم. فقد كان أغلبهم يعانى من الغلاء الذى تسبّبت فيه أحداث الحرب، كما كانوا يعانون من مظالم عدة فى الترقيات، فى وقت كانت تنصف فيه الحكومة الموظفين الإنجليز العاملين فى دواليبها كل الإنصاف. تلك هى الحاجة التى جالت فى نفس الأداهم الموظفين ودفعتهم إلى المشاركة فى ثورة 1919. عجزت وزارة حسين رشدى الرابعة عن السيطرة على إضرابهم، ونتج عن ذك إقالتها وتشكيل حكومة جديدة، برئاسة محمد سعيد باشا.

وضعت الحكومة الجديدة يديها على الجرح، فقررت -بعد أسابيع قليلة من تشكيلها- منح الموظفين علاوات وترقيات استثنائية. يحكى المؤرخ عبدالرحمن الرافعى ذلك فى كتابه «ثورة 1919»، قائلاً: «قرر مجلس الوزراء فى 26 يونيو 1919 تخصيص مبلغ 800.000 جنيه لمنح الموظفين العلاوات فى شكل استبقاء إعانة الحرب مع زيادتها بمقدار 50%، هذا إلى تحسين درجات كثير من الموظفين والإغداق عليهم بالرتب والنياشين، وأرادت الوزارة بذلك كله اجتذابهم إلى صفها، وكان لهذه العلاوات أثرها فى إبعاد الموظفين عن الحركة الوطنية، وتراخى صلتهم بها، بل التنكر لها أحياناً، والتفاتهم إلى مصالحهم الشخصية». إنه الدواء مضمون المفعول مع «الأداهم الموظفين»، العلاوة والترقية هى الوسيلة الأمثل لإعادة هذه الفصيلة الأدهمية إلى عش الراحة والهدوء وإيثار العافية والسلامة على ما عداها. والواضح أن سلطة الاحتلال كانت واعية بذلك كل الوعى، فكان باب «الأداهم الموظفين» أول باب طرقته لتفكيك حلقات التمرد التى غلبت على الشارع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاجة فى نفس «أدهم» حاجة فى نفس «أدهم»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon