خلال صعوده إلى الطائرة تعثر الرئيس الأمريكى جو بايدن 3 مرات متتالية.
الفيديو الناقل لهذا المشهد حظى بمعدلات تداول عالية، وعرضته أكثر من قناة إخبارية، وكان محل تعليق من جانب قطاع لا بأس به من الجمهور الغفير لمواقع التواصل الاجتماعى.
المعلقون على المشهد انقسموا إلى فريقين: فريق الشامتين وفريق المتعصبين.
الشامتون وجدوا فى هذا المشهد تأييداً لوجهة نظرهم فى أن الرئيس الأمريكى يعانى من مشكلات صحية عديدة سوف تؤثر على أدائه وقد تؤدى عند مرحلة معينة إلى انسحابه من المشهد لتتولى كامالا هاريس (نائبة الرئيس) مسئولية حكم الولايات المتحدة.
لم يلعب مع هذا الفريق المعلقون المسيسون الميالون لترامب الرئيس السابق للولايات المتحدة وفقط، بل انضم إليه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى وصفه بايدن مؤخراً بـ«القاتل».
تعليق «بوتين» على الوصف حمل دلالة واضحة على أنه يرثى للحالة الصحية لبايدن.. وكأن لسان حاله كان يقول: «ربنا يشفيك يا راجل يا كبارة».
الشماتة فى رئيس دولة -وكذا فى أى شخص- لأسباب صحية مسألة لا تليق من الزاوية الإنسانية (تماماً مثل الاتهام بلا دليل).. فالبشر جميعهم عرضة للمرض، بما فى ذلك رؤساء الجمهوريات، وربما كانت حالة «بايدن» الصحية ظاهرة فى العلن، لكن ثمة غيره قد تكون معاناتهم مع المرض أكبر، لكنهم يتكتمون على ذلك.
الفريق الثانى هو فريق المتعاطفين مع «بايدن» فى مشهد السقوط. وتعاطف هؤلاء جاء مسيساً فى أغلب الأحوال، ولم يأت من الزاوية الإنسانية.
نظر المتعاطفون إلى الأمر على أنه شىء عادى جداً أن يتعثر أى شخص وهو يصعد سلم طائرة.. مسألة عادية حدثت لرؤساء وملوك ووزراء وزعماء دول وسجلتها أيضاً كاميرات التليفزيون.
وظنى أن المتعاطفين أهملوا جانباً مهماً من جوانب المشهد.. فقد بدا «بايدن» وكأنه دخل فى تحدٍ مع نفسه أراد من خلاله أن يثبت لكل من يشككون فى حالته الصحية أنه على ما يرام.
أراد الرجل أن يقدم بياناً على المعلم لكل مشاهديه بأنه لا يقل لياقة عن «أوباما» حين تولى رئاسة الولايات المتحدة، وتعود الجمهور منه على مشهد الصعود السريع على سلالم الطائرات، حيث كانت ساقاه تلتهم السلالم سلمة بعد أخرى برشاقة وحيوية.
حمّل الرجل نفسه أكثر مما يطيق فجاءت النتيجة على النحو الذى شاهدناه.
لا يطلب أحد من رجل يشارف الثمانين من العمر أن يتمتع بحيوية شاب، حتى ولو كان رئيس جمهورية.. رئيس الجمهورية لا يدخل مسابقات رفع أثقال أو عدو أو خلافه.
فى كل الأحوال لا بد أن ترجح المسألة الإنسانية على ما عداها فى مثل هذه المواقف.. فلا شماتة فى مرض.. ولا انحياز أو استدعاء لأسباب سياسية أو دعائية لتبرير التعاطف مع شخص.
أنت تتعاطف مع الإنسان لكونه إنساناً.. ولأنك تعلم أنك أنت الآخر ضعيف وعرضة لما يمكن أن يمر به غيرك.