توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكذب.. سم قاتل

  مصر اليوم -

الكذب سم قاتل

بقلم : محمود خليل

فشلت الجهود المصرية لإقناع السودانيين بتكوين دولة اتحادية مع مصر، لكن سعْى جمال عبدالناصر لتفعيل فكرة الوحدة بين مصر وغيرها من الدول العربية تواصَل. كان الرئيس متحمساً لفكرة القومية العربية، ولا نستطيع أن نعين بسهولة الحدود الفاصلة بين مساحة إيمان «عبدالناصر» بالفكرة من ناحية وطموحه إلى قيادة العرب بعد الاستقرار على كرسى قيادة مصر. فى كل الأحوال شهدت السنوات الأخيرة من حقبة الخمسينات وما تلاها اندفاعات متنوعة لتأكيد الدور المصرى على المستوى العربى. تأسست دولة وحدوية بين مصر وسوريا عام 1958، لكن سرعان ما سقطت وتحللت عام 1961، وقد خلّفت جرحاً عميقاً فى نفس «عبدالناصر»، وكان لها أيضاً صدى خطير على علاقته بصديقه «عبدالحكيم عامر» الذى تولَّى إدارة ملف الوحدة من سوريا.

فشلت الوحدة فى سوريا فاتجه «عبدالناصر» إلى تعويض الخسائر التى تخلَّفت عنها فى اليمن. فى 26 سبتمبر عام 1962 قام عدد من العسكريين اليمنيين -بقيادة عبدالله السلال- بالإطاحة بحكم الأئمة (كان يقوده حينذاك الإمام محمد البدر). اجتمع «ناصر» مع رفاقه لبحث طلب ثوار اليمن بإمدادهم بقوات عسكرية لمواجهة القوات المدافعة عن الإمام والمدعومة سعودياً. انقسمت الآراء ما بين مؤيد ومعارض، لكن «عبدالناصر» حسم الخلاف وقرر إرسال كتيبة إلى اليمن لمساندة العسكريين الثائرين، ثم أخذت القوات تتدفق بغزارة لتواجه قبائل لا يحكمها ولاء إلا للمال، تحارب فى الصباح لصالح الجمهوريين الذين يقودهم «السلال»، وفى المساء تقتل وتغتال لحساب الملكيين الذين يدعمون حكم الأئمة. والمهمة التى كان مقدراً لها بضعة أشهر تواصلت لسنوات خسرت فيها مصر كثيراً، وتسممت فيها نفسية الشعب المصرى بصورة غير طبيعية.

الكذب كان سُماً من السموم القاتلة التى أترعت بها النفس المصرية وهى تتابع تفاعلات ما يحدث فى اليمن. كانت أجهزة الإعلام حينذاك تنقل صورة تتنافى إلى حد كبير مع ما يحدث على أرض الواقع. احتشدت الرسائل الإعلامية بالمفردات التى تُقنع المتلقى بالحرب على الرجعية التى تعمل ضد حركة التاريخ وتريد العودة بالعرب سنين إلى الوراء، وتدفعه إلى التعاطف مع معاناة الشعب اليمنى الذى يعيش خارج التاريخ نتيجة حكم الأئمة. هذه الرسائل كانت تحمل جزءاً من الحقيقة، لكنها لم تكن تعبِّر عن الحقيقة كلها. فواقع الحال أن مصر حاربت فى اليمن بإيعاز من السوفييت الذين نصحوا «عبدالناصر» بالتدخل لحماية ثورة اليمن الشبيهة بثورة 52، ومواجهة السعودية وبريطانيا فى المنطقة، وفك حصار العزلة الذى ضُرب على مصر بعد زوال دولة الوحدة مع سوريا. أما الحديث عن معاناة الشعب اليمنى فكان حديثاً مراوغاً، لأن المصريين عانوا بسبب حرب اليمن على مستويات عدة، وكان لخسائر مصر فيها بالغ الأثر على الأوضاع الاقتصادية، وهز قدرة مصر على كبح جماح الأطماع الإسرائيلية.

المفارقة بين صور الواقع والصور التى رسمتها وسائل الإعلام فى الستينات لحرب اليمن أدت إلى قسمة المصريين إلى فريقين، يضم أولهما المدافعين عن المشاركة المصرية والمصدقين لما تردده وسائل الإعلام، وأغلب أعضاء هذا الفريق من المصريين البسطاء، وثانيهما يشتمل على من استغلوا خسائر مصر والمصريين فى اليمن لمكايدة النظام القائم وانتقاده والشماتة فيه. وأغلب أعضاء الفريق الثانى كانوا من الموتورين من «عبدالناصر» وسياساته، وعلى رأسهم جماعة الإخوان. وحينها سرت نكتة فى الشارع المصرى تقول إن أغنية أم كلثوم «هسيبك للزمن» أصلها «هسيبك لليمن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكذب سم قاتل الكذب سم قاتل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon