بقلم: د. محمود خليل
بالتزامن مع عودة «كورونا» إلى الضرب من جديد داخل العديد من الدول الأوروبية تزايد عدد العاطلين عن العمل.
ارتفع معدل البطالة فى بريطانيا من 3.9% إلى 4.1%. وأصبح طابور العاطلين هناك يضم ما يزيد على 3.5 مليون مواطن.
وفى فرنسا أظهرت بيانات وزارة العمل ارتفاع عدد طلبات الحصول على إعانة بطالة والباحثين عن عمل بوتيرة قياسية وذلك بالتزامن مع جائحة «كورونا».
وفى الولايات المتحدة الأمريكية توقع البعض أن تصل نسبة البطالة فيها إلى ما يقرب من 20% جراء انتشار فيروس كورونا، ويقدر البعض عدد العاطلين عن العمل من الأمريكان بنحو 42 مليون مواطن.
تراجعت هذه الأرقام قليلاً بالتزامن مع التخفف من الإجراءات الاحترازية عقب الموجة الأولى من كورونا، لكن الموجة الثانية تنذر بعودتها إلى الارتفاع وبشكل أكثر حدة خلال الفترة القادمة.
المسئولون داخل منظمة الصحة العالمية يؤكدون أننا على مسافة عدة شهور من الوصول إلى فاكسين أو علاج للفيروس، وأن ذلك قد لا يتحقق قبل نهاية 2021، ما يعنى أن العالم فى سبيله للدخول فى شرك أزمة مالية واقتصادية لا يستطيع أحد التكهن بحجمها أو مداها.
ارتفاع أعداد العاطلين يمنحك مؤشراً حول حالة الأسواق فى العالم. فثمة حالة من الركود التى ضربت نشاطات اقتصادية بعينها كانت تستوعب كماً كبيراً من العمالة.
إنها دائرة مرعبة. فالركود يؤدى إلى توقف المشروعات، وتوقف المشروعات يؤدى إلى البطالة، والبطالة تؤدى إلى العجز عن الشراء وتسديد القروض الصغيرة، مما يؤدى إلى مزيد من التعثر الاقتصادى.
فى عام 1929 أدى انهيار بورصة نيويورك وغيرها من البورصات العالمية إلى ارتفاع معدلات البطالة وخسارة الأموال بصورة أذهلت الكثيرين. وصل الأمر إلى حد أن البعض كان يجلس فى الشوارع يتسول الطعام أو يبحث عنه فى سلال المهملات.
وفى عام 2008 ضربت العالم أزمة مالية جديدة نتجت عن أزمة القروض العقارية. وانتهت إلى مجموعة من المشاهد البائسة التى لم تبرح مخيلة العالم حتى اللحظة، بعد أن عجز الكثير من المقترضين عن سداد ما عليهم من أقساط مستحقة للبنوك، فأفلست بعض مؤسسات المال، واهتز العالم جراء هذه الأزمة إلى حد الترنح.
والسؤال: هل تقود «كورونا» -مع استعار موجتها الثانية- العالم إلى أزمة مالية جديدة تشبه أزمتى 1929 و2008؟. الأمر أصبح وارداً، إن لم يكن قد بدأ فعلاً. فارتفاع أرقام البطالة وانتقال عدواها من دولة إلى أخرى يعد أبرز مؤشر على حالة الاهتزاز التى ضربت الاقتصاد العالمى.
وهناك عاملان يزيدان من احتمالية الوقوع فى براثن الأزمة، أولهما عدم وجود تعاون بين الدول لإيقاف زحفها، فى سلوك يتشابه مع ما حدث فى أزمة 2008، حين فضلت كل دولة أوروبية حل مشكلتها بشكل فردى، ورفضت أى تعاون مع غيرها من الدول المجاورة. وثانيهما عدم قدرة العديد من حكومات العالم على التدخل من أجل إنقاذ المشروعات المتعثرة نتيجة جائحة كورونا.
العالم فى حاجة إلى التعاون أكثر من أى وقت مضى.