توقيت القاهرة المحلي 13:35:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النسخة الناجية من «التوراة»

  مصر اليوم -

النسخة الناجية من «التوراة»

بقلم: محمود خليل

لم تكن العجوز الكفيفة المعروقة التى قابلها «عُزير» على باب داره سوى خادمته التى تركها شابة قوية فتية قادرة عمرها 20 عاماً. لم يعرفها «عُزير» بالطبع بعد أن أكل عليها الزمان وشرب، سألها: أهنا منزل عزير؟ قالت: نعم هذا منزل عُزير، ثم بكت وقالت: ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عُزيراً، وقد نسيه الناس، قال: فإنى أنا عُزير، كان الله أماتنى مائة سنة ثم بعثنى، قالت: سبحان الله! فإن عُزيراً قد فقدناه منذ مائة سنة، فلم نسمع له بذكر، قال: فإنى أنا عُزير، قالت: فإن عُزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء، فادع الله أن يرد علىَّ بصرى حتى أراك، فإن كنت عُزيراً عرفتك، فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا.

كانت الخادمة العجوز دليل عزير إلى أهله الذين لم يكن تبقى منهم سوى ولد له تركه وعمره 18 سنة، وجد عُزير البالغ من العمر 40 سنة ولده شيخاً متهالكاً، عمره 118 عاماً، ووجد أحفاده شيوخاً كباراً يجرجرون أقدامهم، نظر إليهم مشدوهاً، ونظروا إليه مندهشين، هتف ابنه بعلامة كانت لأبيه بين كتفيه، وتحقق الجميع أنه أبوهم وجدهم عزير. لك أن تتخيل هذا المشهد الذى يجلس فيه الأب والجد الشاب مع ولده الوحيد الباقى وبنى بنيه، الذين أكلهم الزمان، فباتوا شيوخاً على عتبة الفناء.

كان عُزير آخر من تبقى من بنى إسرائيل ممن يحفظ التوراة، بعد أن أحرق بختنصر المتوافر من نسخها، فكأن الله تعالى أعاده ليدونها من جديد فى الصحف قبل أن يبلى ويذهب إلى ربه، ذلك ما حكاه «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»، ويدلك هذا على حكمة جديدة فى قصة هذا العبد الصالح، فقد أراد الله تعالى أن يرد من خلاله كتابه إلى الأرض، بعد أن ظن أحد البغاة أنه قضى عليه، واستسلم الناس لهذه الفكرة، وأخذوا يرددون أن كتابه ذهب من الأرض، بعد أن أحرق بختنصر نسخه، ومات من كانوا يحفظون شيئاً منه، دون أن يدونوا ما يحفظون. لقد قضت مشيئة الله أن يعود عزير إلى الحياة ليتمم هذه المهمة.

ينقل «ابن كثير» مسألة أن «عزيراً» كان آخر مَن يحفظ التوراة عن وهب بن منبه، ما يفرض علينا أخذها بنوع من الحذر، لكن يبقى أن هذا التبرير يعكس جانباً فى الفكر الإنسانى الباحث باستمرار عن الحكمة الكامنة وراء الأحداث العجيبة المدهشة، مثل هذه الحادثة التى وقعت لعزير، ذلك الذى تشكك للحظة فى قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فأماته الله تعالى 100 عام ثم بعثه، وبعث معه حماره وطعامه، فالحكمة فى القصة -على المستوى الفردى- تتمثل فى إثبات رحمه الله بعبده المؤمن وعطفه عليه وعدم تركه لظنونه وهواجسه، والأخذ بيده نحو شاطئ اليقين، أما الحكمة العامة فتمثلت فى الإشارة إلى ما أراده الله تعالى من أن يبعث لبنى إسرائيل التوراة من جديد، الكتاب الذى دفنت آياته فى صدر «العُزير» الذى اختفى منذ 100 عام واستعوض الناس الخالق فيه وفى التوراة، لكن الله شاء أن يبعث الاثنين من جديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النسخة الناجية من «التوراة» النسخة الناجية من «التوراة»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon