توقيت القاهرة المحلي 17:58:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام القوة

  مصر اليوم -

أوهام القوة

بقلم: د. محمود خليل

لا أذكر عاماً تعددت فيه الرسائل الدالة على «ضعف الإنسان» مثل عام 2020 الذى توشك شمسه على الأفول.

ضعف الإنسان مسألة نبَّه إليها القرآن الكريم، يقول تعالى: «يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفاً»، ويقول: «الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة»،

والقوة التى تقع بين ضعفين ليست أكثر من وهم.

مع مطلع الألفية الجديدة دخل العالم طوراً ومرحلة جديدة من مراحل تطوره، وبدأ التبشير بعالم جديد تحكمه التكنولوجيا، ويتباهى أهله بالقدرة على التعامل مع الكرة الأرضية ككتلة واحدة، يندمج البشر الذين يعيشون فوقها معاً، وتذوب الحدود الفاصلة بينهم، ليصبح العالم سوقاً واحدة على مستوى الاقتصاد والسياسة والإعلام والثقافة، يسيطر عليه القادرون الذين يشعرون بفائض القوة.

ابتلاء كورونا (2020) ضرب البشرية كلها وأثبت أن كل ما بلغته من تقدم على مستوى العلوم، وما حققته من طفرات تكنولوجية، لم يحل بينها وبين الإحساس بالعجز والحيرة أمام فيروس جاء من علوم الله.

ليت الحيرة وقفت عند حد حسم مسألة الفاكسين الذى يحصِّن الشخص ضد الإصابة بالفيروس.

الحيرة بدأت ولم تزل حول طبيعة الفيروس.. فمن قائل إنه ينتقل بالاحتكاك، ومن قائل إنه ينتقل عبر الهواء، ومن قائل إنه ينتقل من الأسطح.. من قائل إنه ينتعش فى الأجواء الباردة، ومن قائل إنه يضرب فى كل الأجواء.. من قائل إن أعراضه تنفسية، ومن قائل إن أعراضه معدية.. من قائل إنه يختبئ تحت الساعات والخواتم والحلقان ونصح بخلعها.. ومن قائل إنه يختفى تحت «الهدوم»!.

الحيرة أيضاً ارتبطت بالإجراءات الوقائية.. فمن قائل إن إهمال الشعوب هو السبب فى انتشار الفيروس.. فيرد آخرون بأن الإهمال لو كان سبباً للإصابة فعلينا أن نفترض أن «ماكرون فرنسا» و«جونسون إنجلترا» و«ترامب أمريكا» مهملون ولا يراعون رش «السبرتو» بانتظام.. وإلا كيف أُصيبوا؟!.

يحتار البشر أيضاً أمام عدد السلالات التى يسمعون أن الفيروس يتشكل ويتحور فيها.. هناك من يقول إنه سلالتان.. فيرد آخر بل ثلاث.. بل أربع.. بل بالمئات!.

حيرة جارفة ما بين قائمة اللقاحات.. فهذا صينى.. وذاك روسى.. والثالث أمريكانى.

رحلة التلقيح تبدأ سريعاً فى بلاد العلم والتكنولوجيا فى شمال الكرة الأرضية، فإذا بالعالم يفاجأ بسلالة جديدة ينفجر معها عدد المصابين وأرقام الوفيات.

حيرة الإنسان المعاصر كشفت مدى ضعفه.

واللافت أن «انكشاف الضعف البشرى» تعاصر مع العام 2020. وهو العام الذى دأبت كل دول العالم على رسم مخططات مستقبلية له منذ مطلع القرن الحادى والعشرين، وحلمت كل دولة بمبلغ القوة الذى يمكن أن تبلغه مع مطلع هذا العام.

دراسات عديدة أُجريت حول عام 2020 قامت بها مجموعات بحثية فى دول شتى كانت تحلم بالعالم الجديد الذى استقرت أسسه عبر العقدين الأول والثانى من القرن، كانت تتوقع مشاهد مختلفة غير تلك التى عايشناها عبر أشهر العام، لكن رياح «كورونا» أتت بما لا تشتهيه سفينة التوقعات.

الدرس الأول الذى يمكن أن يخرج به الإنسان من العام المنصرم أنه مخلوق ضعيف.. وأى حديث عن القوة لا يعدو الأوهام.

لا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام القوة أوهام القوة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon