توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غيلان «الأدهمية»

  مصر اليوم -

غيلان «الأدهمية»

بقلم : محمود خليل

بلغت مأساة إهمال الصعيد ذروتها فى حادث قطار «العياط» عام 2002. كان القطار رقم 832 قد تحرك لتوه من القاهرة إلى أسوان، وقد ازدحم بكتلة بشرية متلاصقة رغبت فى قضاء إجازة عيد الأضحى بين أهليها. عقب مغادرة القطار مدينة العياط شب حريق فى العربة الأخيرة منه، وامتدت النيران إلى العربات الأمامية الواحدة تلو الأخرى وأخذت تأكل البشر المكدسين داخلها بلا رحمة. التقديرات الحكومية حينذاك ذكرت أن عدد ضحايا الحادث بلغوا 350 مواطناً أغلبهم من أهالى الصعيد.

حكايات أداهم الصعيد مع القطارات قديمة. ولو أنك رجعت إلى رواية «دعاء الكروان» التى أبدعها عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، وهو واحد من أبناء الصعيد الذين ملأوا مصر فكراً وأدباً فستجد وصفاً دقيقاً لإحساس الصعيدى بالغول الحديدى المسمى بالقطار. يقول العميد: «كانت الخطوب تنتقل بهن -يقصد زُهرة وابنتيها هنادى وآمنة- من قرية إلى قرية، ومن ضيعة إلى ضيعة، يلقين بعض اللين هنا، ويلقين بعض الشدة هناك، ولا تستقر بهن الأرض فى أى حال، حتى ينتهين إلى هذه المدينة الواسعة ذات الأطراف البعيدة والسكان الكثيرين، والتى تشقها الطرق الحديدية نصفين، ويمضى فيها هذا الشىء المخيف الغريب الذى يبعث فى الجو شرراً وناراً، وصوتاً ضخماً، وصفيراً عالياً نحيفاً، والذى يسمونه القطار، الذى يركبه الناس يستعينون به على أسفارهم، كما يستعين أهل البادية والريف بالإبل حيناً، وبالحمير حينا، وبالأقدام فى أكثر الأحيان».

حقائق التاريخ تقول إن حكام الأدهمية لجأوا إلى إهمال تطوير المرافق الأساسية منذ أواخر الستينات بسبب الخسائر التى حاقت بالبلاد جراء الحروب مع الكيان الصهيونى، بالإضافة إلى حرب اليمن، وتستطيع أن تراجع ذلك فى كتاب وجيه أبوذكرى «الزهور تدفن فى اليمن». ورغم بطلان حجة الحرب بعد إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 - أى قبل اعتلاء مبارك لعرش الأدهمية بعامين- فإن التمحك بما خسرته مصر فى الحروب ظل قائماً، ربما حتى اللحظة المعيشة، والضحية فى النهاية هم البسطاء من الأداهم الذين تعالت عليهم أنظمة الحكم بعد جمال عبدالناصر واعتبرتهم سبباً مباشراً من أسباب المآسى التى يقعون تحت طائلها. كان «مبارك» يتحدث باستمرار عن ولع الأداهم بالإنجاب وكثرة العيال الأمر الذى يُعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها إزاء هذا الكم الغفير من البشر، ويعتبره «غولاً» آخر قادراً على التهام كل عوائد خطط التنمية التى تجتهد فيها الحكومة، لكن الأداهم لم يأبهوا لذلك.

«الأداهم» كانوا -ولم يزالوا- على دأبهم من الولع بالإنجاب، وفى المقابل ظلت الحكومات المتتالية للأدهمية على دأبها من التمحّك بذلك، دون محاولة جادة من الطرفين لمعالجة هذه الإشكالية المعقدة. المدهش أن برامج التوعية بتنظيم الأسرة فى عصر مبارك تحولت إلى «سبوبة» حقق البعض من خلالها أرباحاً كبيرة. وبالنسبة للأداهم ظل الإنجاب «سبوبة» أيضاً لتحقيق أهداف متنوعة، منها المتعة ومنها الاستثمار بتشغيل الأبناء، ومنها مكايدة الحكومة التى تطحن «الأدهم» حيث يروح، وحيث يجىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غيلان «الأدهمية» غيلان «الأدهمية»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon