توقيت القاهرة المحلي 15:15:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين «الأبيض» و«الأحمر»

  مصر اليوم -

بين «الأبيض» و«الأحمر»

بقلم: د. محمود خليل

يعيد أسلوب تفاعل الكثيرين مع وفاة الكاتبة نوال السعداوى الحديث على ما أصاب الشخصية المصرية من تحولات خطيرة.نحن نعانى من حالة انقسام تفجرت تعابيرها على ساحة الأحداث خلال العقد الماضى.

وهى حالة تجد جذورها فى العقود السابقة، لكن يبدو أن شجرتها البائسة أخذت فى التفرع خلال الفترة الأخيرة.فريقان فى مصر الآن، ما إن يقع سوء أو مكروه لعضو أو رمز داخل أحدهما حتى يبادر أعضاء الفريق الثانى إلى إبداء أعلى درجات الفرح والتهليل والشماتة فيه.حدث ذلك مع فنانين ورجال سياسة وإعلاميين مرضوا أو توفاهم الله، كان آخرهم الكاتبة نوال السعداوى.

نوال السعداوى امرأة تفكر، لها آراؤها ووجهات نظرها واجتهاداتها، التى قد يتفق معها البعض فيها، وقد يختلف آخرون. والجدل واختلاف الرأى وتباين وجهات النظر حول الأفكار التى يطرحها أى شخص مسألة صحية.لا بأس من أن نتفق أو نختلف حول فكر نوال السعداوى، لكن عندما يكون محل الخلاف أو التباين فى وجهات النظر هو موقع السيدة الراحلة -رحمها الله- فى الآخرة وهل هى فى الجنة أم فى النار، فيصح أن نصف الخلاف أو التباين هنا بالمرضى.

قد يقول قائل إن السر فى هذا الجدل هو المتأسلمون ممن دأبوا على منح بطاقة الهوية الإسلامية لغيرهم فى الحياة، وتوزيع صكوك المغفرة والرحمة عليهم حين يستوفوا أجلهم ويصعدوا إلى خالقهم.هذا الكلام صحيح، لكنه يعرض جانباً واحداً من الصورة، لأن خصومهم على الضفة الأخرى من نهر الحياة فى مصر يتبنون هذا الطرح، فيمنحون من يريد بطاقة «الهوية الوطنية» لأنصارهم ويحجبونها عن غيرهم، وهم أيضاً لا يتلكأون عن منح صكوك الغفران أو العذاب المستطير لمن يتوفاهم الله من أعضاء الفريق الآخر.وأخشى أن أقول إن أغلب من يحكمون على إيمان أو وطنية غيرهم يرتكنون إما إلى ثقافة سماعية، أو إلى آفة الانقياد بروح القطيع.للإنصاف، مسألة الانقسام إلى فريقين فى تقييم الأشخاص والرموز مسألة قديمة فى الثقافة المصرية.

قد نجد جذورها فى حالة الانقسام التى ضربت المصريين أيام الثورة العرابية، ما بين مؤيدين لعرابى وناقمين عليه، وقد ظل مصطفى كامل يطعن فى «عرابى» وثورته حتى مات.

وبعد وفاة مصطفى كامل وصعود الوفد، حدث انقسام جديد، أصبح معه خليفة مصطفى كامل وهو الزعيم محمد فريد يأخذ موقفاً سلبياً من سعد زغلول، ولعلك تعلم ما سيطر على الأمة من انقسامات بعد ذلك بين الوفد والمنشقين عنه.لكن حتى هذه اللحظة لم تكن الخلافات من السعار بحيث تطعن فى دين أو وطنية.

حدث ذلك بعد صعود الفاشية السياسية بظهور الجماعات الراديكالية مثل الإخوان ومصر الفتاة، حين بدأ الغمز فى الدين، ثم كانت حركة الضباط فى يوليو لندخل بعدها إلى مرحلة الغمز فى الوطنية.المتدين الحقيقى لا يعرف لغيره إلا الدعاء بكل ما هو طيب، لأن الدين رحمة وتسامح، والله تعالى «رب الناس» جميعاً.والوطنى الحقيقى لا يعرف الطعن فى وطنية غيره، بل يؤمن أن الاختلاف فى الآراء ووجهات النظر من أجل الوطن جوهر من جواهر الوطنية.ليس من المعقول أن نقضى حياتنا منقسمين بين «الأبيض» و«الأحمر».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين «الأبيض» و«الأحمر» بين «الأبيض» و«الأحمر»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon