توقيت القاهرة المحلي 18:36:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النبى.. وطريق الكبرياء

  مصر اليوم -

النبى وطريق الكبرياء

بقلم: د. محمود خليل

تعجب أهل مكة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم لما جهر بدعوته إلى التوحيد. تساءلوا: هل يبغى من وراء ذلك مالاً أم ملكاً أم أنه مريض فى حاجة إلى العلاج؟

جل أهل مكة كانت تسكنهم روح العبيد. من ظنوا أن محمداً يهدف من وراء دعوته إلى جمع المال هم «عبيد المال». من ظنوا أنه يريد سلطة هم «عبيد السلطة». ومن توهموا أنه مريض هم «عبيد المجتمع» الذين يرون فى أية دعوة مخالفة للسائد مرضاً يستحق العلاج.

لم يفهم المكيّون معنى الحرية التى أصبح النبى يتنفسها، ويدعو أهل مكة إلى تنفسها. من الطبيعى أن يقاوم من عاش عمره تحت مظلة ثقافة اجتماعية تقدس «العبودية والاستعباد» الثقافة الجديدة الداعية إلى الحرية تحت مظلة «التوحيد والإيمان بالواحد الأحد».

اعتمد النبى على معادلة ثنائية تجمع ما بين الصلابة على المبدأ الإيمانى والصبر على مكة التى أخذت تقاومه بكل السبل. كانوا يصطدمون معه ومع من آمنوا بالرسالة، فيواجه صدامهم بالصبر، ويعالج عنادهم باللين والأناة.

أراد الله تعالى أن تكون تجربة نبيه فى الدعوة وإبلاغ رسالة السماء «بشرية محضة». كان من الوارد أن يمنحه الله أدوات القوة التى توافرت فى يد نبيه موسى، وأن يؤيده بخوارق الطبيعة، لكنه شاء أن يجعل من سيرته رحلة كفاح بشرى، تحتكم إلى معادلات البشر، وجعل معجزته فى كلمة القرآن الخالدة الباقية.

عاش محمد صلى الله عليه وسلم إنساناً، يناله نصيبه من أذى قومه فيصبر ويدعو لهم بالهداية، تنكر له أقرب الناس إليه، أهانه صبيان مكة، وسفهه كبارها، سار فوق رمال الصحراء المشتعلة إلى الطائف يدعو أهلها بعد أن يئس من استجابة غلاظ القلوب والعقول فى مكة، عاملوه بأصعب مما عامله المكيون، أغروا به غلمانهم فأخذوا يقذفونه بالحجارة حتى دميت قدماه الشريفتان وهو يحاول إنقاذ نفسه من سيل البذاءة.

فى ظلال شجرة من أشجار «الطائف» جلس يبكى لربه ويشكو إليه: «اللَّهمَّ إليكَ أشكو ضَعفَ قوَّتى، وقلَّةَ حيلَتى، وَهَوانى علَى النَّاسِ، أنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ، أنتَ ربُّ المستضعفينَ، وأنتَ ربِّى». سمع غلام نصرانى اسمه «عداس» يعمل فى البستان الذى استظل النبى بإحدى شجراته نشيجه ووجيبه صلى الله عليه وسلم فمال عليه بقطف من العنب يروى به ظمأه وصرف عنه غلمان ثقيف.

كان النبى يعلم وهو فى قلب المحنة أن فرج الله آتٍ، وأن نصره قريب، وأن رحمته قريب من المحسنين. «لا تدرى لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً».

جاء الفرج وتدفقت رايات النصر وتنزلت رحمات الله فى «يثرب» التى سارع أنصارها أصحاب التركيبة النفسية التى تقترب من النبى إلى الإيمان به، والذود عنه.

وفى يثرب بدأ النبى رحلته فى تكوين الأمة التى تعلمت منه معنى حب السماء، فأخذت تبنى وتعلو فى البناء، ومضت ترفل فى وحدتها، وتباهى فى طريق الكبرياء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبى وطريق الكبرياء النبى وطريق الكبرياء



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon