بقلم: د. محمود خليل
«أشعر أننى أفضل مما كنت عليه من 20 سنة».. هكذا تحدث ترامب إلى الشعب الأمريكى عقب خروجه من المستشفى بعد أن قضى فيه حوالى 4 أيام جراء إصابته بفيروس كورنا.
لم يعرف أحد ما هو الدواء السحرى الذى عالج الرئيس الأمريكى فى 4 أو 5 أيام، ليس ذلك وفقط، بل عاد به 20 عاماً إلى الوراء، ليشعر بصحة رجل فى الخمسين من عمره؟.
لم يعرف أحد أيضاً هل أجريت مسحة أثبتت سلبية الفيروس داخل الدم الترامبى أم لا؟.. كل ما أعلن عنه أن الرئيس سوف يخضع للملاحظة والمراقبة فى البيت الأبيض.
البيت الأبيض نفسه تحول إلى بؤرة كورونية.. لوّح أحد الصحفيين الأمريكيين بأن مركزها ترامب، حين سأله وهو فى طريقه إلى البيت الأبيض عن عدد المصابين بالفيروس من أعضاء فريقه الرئاسى ومعاونيه.. وهل أصبح الرجل مركزاً لنشر العدوى؟.. أجابه «ترامب» بالشكر الجزيل.
حملة الرئيس «ترامب» اتجهت إلى تصوير مرشح الحزب الجمهورى وكأنه «قاهر كورونا». وباتت تخاطب الشعب الأمريكى بذات البلادة التى تخاطب بها وسائل إعلام بعض العالم الثالث شعوبها، إنها تريد أن تقول للأمريكان إن المسألة ليست فى طب ولا فى دواء.. بل فى الإرادة الترامبية التى قهرت الفيروس.. وهى بذلك ترد على من يتندرون على ترامب الذى تحدث كثيراً عن قرب الوصول إلى فاكسين أو علاج لكورونا، وظل يردد ذلك حتى غرد بأنه أصيب بالفيروس هو وزوجته وعدد من مساعديه داخل البيت الأبيض.
الدعاية الترامبية أصبحت تفضل اللعب على طريقة «فان دام» و«روكى»، وتطلب من المواطن الأمريكى أن يصدقها، تماماً مثلما يقدم إعلام بعض دول العالم الثالث الأكاذيب على أنها حقائق دون اكتراث بعقل الجمهور، فى تمثّل واضح للنظرية التى اعتمدها إخوة يوسف عليه السلام، وهم يحكون لأبيه يعقوب - كذباً - أن الذئب أكل ولده يوسف، ثم أردفوا: «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين».. يعنى كده كده انت ما بتصدقناش.. فلا ضرر فى أن نكذب عليك.
توقفت ملياً أمام شخصية «ترامب» حين خرج وأعلن أنه مصاب بكورونا.. فلا يوجد إنسان كبير على المرض.. ونسأل الله الشفاء للجميع، لفت نظرى الشفافية التى اعتمدها الرئيس الأمريكى فى الإفصاح عن إصابته بالفيروس، لكننى استغربت بعد ذلك من الطريقة الاستعراضية التى أدار بها الأمر بعد خروجه من المستشفى، والتى اعتمدت على الحركات والتمويهات أكثر مما اعتمدت على معلومات.
علق «بايدن» على إعلان «ترامب» قهر «كورونا»، قائلاً إن أحداً لا يدرى على وجه الدقة حقيقة الوضع الصحى للرئيس، واتهم مؤسسة الرئاسة الأمريكية بعدم الشفافية.. ولم ينسَ بالطبع أن يوجه مجموعة من النصائح الأبوية إلى منافسه بضرورة ارتداء الكمامة ومراعاة التباعد الاجتماعى.. وكاد ينصحه أيضاً بأن يغسل قدميه بالليل ويشرب اللبن ويأوى إلى فراشه مبكراً!.
لست أدرى على وجه الدقة كيف يقيّم المواطن الأمريكى المشهد الحالى المتأرجح بين ترامب «قاهر كورونا» وبايدن «الأب الناصح»، لكن العديد من التقارير الإعلامية تشير إلى انزعاج المتابعين الأمريكيين من حالة الهزل التى تضرب المشهد الانتخابى.. نعم ترجح بعض استطلاعات الرأى كفة «بايدن»، لكن يبدو أن المواطن الأمريكى أصبح يحتكم إلى معادلة «تمتع بالسيئ.. فالأسوأ قادم» وهو يختار بين فرسى الرهان.