توقيت القاهرة المحلي 18:14:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكمة ما زالت مطلوبة

  مصر اليوم -

الحكمة ما زالت مطلوبة

بقلم: د. محمود خليل

الحكمة ما زالت مطلوبة.. ذلك هو الدرس الأساسى الذى يمكن استخلاصه من تجربة انتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والتى انتهت بفوز «جو بايدن».

من خارج المنظومة السياسية جاء «ترامب» رئيساً للولايات المتحدة بعد أن اكتسح منافسته «هيلارى كلينتون» عام 2016. وعلى مدار 4 سنوات أدى كرجل لا يعرف أى معنى للحسابات السياسية.

بدا «ترامب» مبهراً للكثيرين وهو يتخذ أكثر القرارات جرأة، دون أن يدارى أو يخفى شيئاً، أو يحسب حساب دولة أو مؤسسة أو شخص. فظاهر «ترامب» مثل باطنه.

للمصريين مثل يقول: «اللى فى قلبه على لسانه». هذه المقولة المصرية العبقرية تصف صنفاً من البشر لا يستخدم فلتر العقل، بما يمنحه للقول من حكمة أو أدب أو فرملة، بل ينطلق القول مباشرة من قلبه إلى لسانه. هذا الأسلوب قد يكون جيداً فى أحوال، لكنه غير مأمون العواقب فى كل الأحوال.

عندما قتل شرطى أمريكى المواطن جورج فلويد (الأمريكى ذى الأصول الأفريقية) تعامل «ترامب» ببلادة مع الحدث، وهدد المتظاهرين المطالبين بإصلاح قانون الشرطة بالقمع، ووصفهم بالمخربين والمشاغبين. وعندما قام أحد أفراد جماعة «الذئب الأمريكى» التى تنتصر للعرق الأبيض بإطلاق النار على اثنين من المتظاهرين السود، خرج ترامب يدافع عن القاتل بقوله: لقد كان فى حالة دفاع عن النفس!

لقد خرج ما فى قلب «ترامب» من أحاسيس بالاعتزاز بالعرق الأبيض على لسانه، ولم يقدّر أنه مسئول يجب أن تخرج تصريحاته بحسابات سياسية دقيقة. الشىء نفسه تكرر وهو يتحدث عن المهاجرين من اللاتين وغيرهم.

ربما كان من بين المواطنين الأمريكيين من يشارك «ترامب» هذه الأحاسيس بالاعتزاز بالعرق، لكنهم يفهمون أنه ليس من الحكمة فى شىء أن ينطق اللسان بكل ما يعتمل فى القلب، بل ويرفضون أن يردد أحد هذا الكلام العنصرى، لأنهم يجدون فيه تهديداً لاستقرارهم، ويرفعون حكمة: «فلنتعايش فيما اتفقنا عليه».

امتلك «ترامب» الجرأة التى جعلته مبهراً للبعض فى أحوال، لكنه لم يمتلك الحكمة الكافية. والمسئول السياسى يحتاج الحكمة إذا كان يريد البناء والإصلاح.

الجرأة قد تستلفت الأضواء، وتستجلب اللايكات والتعليقات والمحبات فى عالم السوشيال ميديا «الافتراضى» الذى أدمنه «ترامب»، لكن الواقع المعيش يتطلب الحكمة.

فارق كبير بين المغامرين والمصلحين.. الجرأة تليق بالمغامر.. أما الحكمة فزاد المصلح.

نبى الله موسى عليه السلام كان يغضب «فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا»، ورغم أنه كان يغضب لله وفى الله، إلا أنه عاش لحظة فاصلة حين صرخ فيه شخص من خارج قومه حين همّ بضربه انتصاراً لواحد من بنى إسرائيل: «فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِى الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ».

الكلمات رنّت فى أذن موسى عليه السلام فسكت عنه الغضب وعاد إلى رشده.. فالبطش لا يليق بمصلح زاده فى الحياة: «الحكمة وفصل الخطاب».

وصدق الله العظيم: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِى خَيْرًا كَثِيرًا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكمة ما زالت مطلوبة الحكمة ما زالت مطلوبة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon