كورونا يمد مخالبه من جديد. كانت تختفى لبعض الوقت خلف قضبان الصيف الحرارية، لكنها أخذت تتسلل فى الخريف، وتنذر بما هو أصعب مع مقدم الشتاء.
الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، خرجت محذرة من موجة ثانية تتمدد فى مصر، من المتوقع أن تزيد معها أرقام الإصابات والوفيات.
من جديد يعيد البعض التذكير بالإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها والالتزام بها من جانب الأفراد والأسر ومؤسسات الدولة، فى وقت تؤكد فيه «زايد» أن الماكثين فى البيوت عرضة للإصابة أكثر ممن ينزلون إلى الشوارع!.
فى أوربا ودول شمال أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية تشتعل الموجة الثانية لكورونا. أرقام الإصابات فى أمريكا تتجاوز الـ100 ألف يومياً، وإجمالى عدد المصابين وصل إلى أكثر من 10 ملايين مصاب، والوفيات تقترب من ربع مليون. بعض الخبراء يقدرون أن أرقام الإصابات بالفيروس فى أمريكا مرشحة للوصول إلى رقم النصف مليون.
«ترامب» نفسه أصيب بالفيروس، لكنه قام منه بعد بضعة أيام، ومن قبله أصيب رئيس البرازيل، وبوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، والأمير تشارلز ولى عهدها.. فهل يهمل هؤلاء فى الإجراءات الاحترازية أو فى التعقيم؟!.
مسألة الفيروس باتت محيرة.
مظاهرات عديدة اجتاحت كلاً من إيطاليا واسكتلندا تندد بإجراءات الحظر والإغلاق التى شرعت الحكومتان هناك فى اتخاذها مع اشتعال الموجة الثانية.
ليس فى مقدور الناس تحمُّل الأوجاع الاقتصادية المترتبة على الحظر، إنهم يريدون النزول والعمل. والحكومات تخشى من تفاقم عدد الإصابات. إنها تعانى اقتصادياً -كما يعانى المواطن- نتيجة هذه الإجراءات، لكن معاناتها ستزيد وسؤال حسابها سوف تعلو به الأصوات لو تفاقم عدد الإصابات بصورة تعجزها عن السيطرة. العواقب قد تكون أشد دهامة من عواقب الإغلاق الاقتصادى.
الناس محتارة.. والحكومات أيضاً.
الحيرة تزداد أمام الأرقام الضخمة المتمددة. فما معنى أن يتوقع الخبراء أن يصل عدد المصابين فى الولايات المتحدة إلى نصف مليون يومياً؟ وهل يمكن أن نقول ترتيباً على ذلك إن استمرار الوباء الذى بدأ عام 2020 خلال العام القادم 2021 معناه إصابة الشعب الأمريكى بأكمله (عدده نحو 330 مليوناً) خلال 660 يوماً؟
الحيرة تزداد أيضاً ونحن ننظر إلى الأوضاع فى الصين «دولة المنشأ» التى ظهر فيها الفيروس لأول مرة فنجد أن الإصابات فيها تعد بالعشرات.. هل تسيطر الصين على الفيروس فعلاً؟ وإذا كان ذلك كذلك فكيف تمكنت من رقبة كورونا؟
الحيرة تزداد والناس ترى رئيساً مثل ترامب شُفى من الفيروس خلال ما يزيد قليلاً على 72 ساعة، فى الوقت الذى ما زال فيه الرئيس الجزائرى يعالج منه منذ عدة أيام.
الحيرة أيضاً تزداد والناس ترى أعظم دول العالم وأكثرها تقدماً فى الطب والدواء بما تملكه من إمكانيات ومعامل ومراكز بحثية وشركات عالمية عاجزة حتى اللحظة عن التوصل إلى علاج حاسم للفيروس، أو فاكسين يستطيع أن يقى الإنسان شروره.
حكاوى التاريخ التى تتناول الأوبئة تقول إن الوباء يظهر فجأة ويستمر ما شاء الله له الاستمرار، ثم يختفى فجأة كما ظهر فجأة، بعد أن يحدث ما يشاء الله من تغييرات فى حياة البشر.. قد يكون.