منحنى الإصابات والوفيات بفيروس كورونا بمصر المحروسة عاد إلى الارتفاع مرة ثانية. الأرقام اليومية للإصابات -المعلنة من جانب وزارة الصحة- تجاوزت أمس الأول المئات الثلاث، والوفيات تزيد أحياناً على 15.
بغض النظر عن مستوى الدقة فى هذه البيانات، إلا أنها تؤكد فى كل الأحوال أن المنحنى يسير فى اتجاه الصعود.
الحكومة ملتفتة إلى ما يحدث، وقد حذرت وزيرة الصحة من موجة ثانية من كورونا منذ عدة أيام، والتعليمات داخل كل مؤسسات الدولة تؤكد الالتزام بالإجراءات الاحترازية، تجنباً للحظر والإغلاق.
الملاحظ أن الحكومة تحاول إمساك العصا من المنتصف.
على سبيل المثال لم تطبق الحكومة سياسة إغلاق المؤسسات، بل وجهت المسئولين عنها إلى تخفيف أعداد الموظفين تبعاً لظروف كل مؤسسة، وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن كل جهة تحدد المناسب لها.
وزارة التربية والتعليم وكذلك التعليم العالى أمسكت هى الأخرى العصا من المنتصف فاعتمدت منذ بدء العام الدراسى الحالى على فكرة التعليم المدمج -أو الهجين على حد تعبير الوزارة- الذى يمزج بين التعليم عن بُعد فى الفصول الافتراضية والتعليم المباشر فى الفصول والقاعات الطبيعية.
المواطن نفسه يمسك العصا من المنتصف. فهو يتراوح ما بين القلق من الفيروس، وفتح أنفه وفمه وصدره فى الشوارع غير مكترث بشىء. تجده ميالاً فى أحوال إلى الإهمال، ومذعوراً فى أخرى من اتخاذ قرار بالحظر أو محاصرة وجوده فى الشارع أو العمل، خوفاً من العودة إلى الحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية التى عاشها فى ظل قرارات الحظر والإغلاق خلال تفاعلات الموجة الأولى من الفيروس.
الحكومة والمواطن كلاهما يقف فى منتصف الطريق أو يمسك العصا من المنتصف. وهو أمر يبدو طبيعياً إذا قسنا الحال لدينا بتلك التى تسود داخل دول العالم الأخرى.
حتى اللحظة ترفض العديد من حكومات -وأيضاً شعوب- العالم فكرة الإغلاق رغم عتو الموجة الثانية كما يظهر فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وقد توقعت منظمة الصحة العالمية للدولة الأخيرة خريفاً قاتلاً.
المواقف المحددة مريحة.. المشكلة تظهر فى المواقف السائلة.
الدول التى تتحفظ على فكرة الإغلاق أعدت عدتها لمواجهة أعداد أكبر من الإصابات على مستوى الرعاية الصحية، ووسعت من قدرة آلتها العلاجية على الاستيعاب، لأن المسألة ليست مجرد قرار بعدم الإغلاق، دون إعداد العدة لمواجهة العواقب.
الطريقة السائلة التى تعالج بها حكومتنا أمر الموجة الثانية من كورونا تتشابه مع طريقة المواطن فى الوقاية حين يضع الكمامة على فمه ويسقطها عن أنفه، فيصبح وجودها مثل عدمها.
ترك قرار تخفيف أحمال البشر داخل المؤسسات الحكومية للمسئولين بها لا يختلف كثيراً عن طريقة تعامل المواطن مع الكمامة.
فلتحسم الحكومة قرارها -بدلاً من إمساك العصا من المنتصف- وتستوعب أنها مطالبة فى كل الأحوال بأن تعد نفسها لأى طارئ، خصوصاً على مستوى المستشفيات وأجهزة التنفس الاصطناعى، وتوفير بروتوكولات العلاج التى تقترحها للحالات الضعيفة والمتوسطة والشديدة للإصابة بالفيروس داخل الصيدليات.
المواجهة استعداد!.