توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«المتبّل».. و«المسلوق»

  مصر اليوم -

«المتبّل» و«المسلوق»

بقلم: د. محمود خليل

العاملون فى مجال الإعلام يواجهون مشكلة «محتوى».. والجمهور أيضاً.

المحتوى الذى يقدمه صناع الإعلام ويمس القضايا والهموم الحقيقية للمجتمع لا يجد سوقاً لدى الناس.. أسباب العزوف كثيرة، من بينها عدم الثقة من جانب الجمهور فى منسوب المصداقية، وارتفاع نسبة كوليسترول الدعاية على حساب المعلومات التى يتشكل منها المحتوى، بالإضافة إلى عدم التفاته إلى تغطية كل القضايا المهمة التى يحتاج الجمهور إلى متابعتها.

صناع المحتوى الإعلامى فى حيرة من أمرهم. نظروا إلى وسائل الإعلام التقليدية وعلى رأسها الصحف فوجدوا أن تطورات العصر جعلتها «موضة قديمة»، وأن عليهم أن يتحركوا إلى وسائل الإعلام الجديدة ليتيحوا مادتهم على مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، لكن أزمة عزوف الجمهور ظلت قائمة.

فطريقة التغليف أياً كان بريقها لا تؤثر كثيراً فى ترويج المنتج الذى يفتقر إلى شروط الجودة، لذلك امتدت مشكلة المحتوى العاجز عن الجذب من الإعلام التقليدى إلى الإعلام الجديد.

لم يجتهد صناع الإعلام فى اختراق مساحات جديدة «ممكنة» وإنتاج محتوى قادر على الجذب وإثارة الاهتمام بعيداً عن أى تعقيدات، وكذلك بعيداً عن التفاهات والسذاجات التى أصبح الإعلاميون يتنافسون على تسويقها وترويجها حالياً.

رأى صناع الإعلام أن الحل فى «سباق التفاهة» و«دغدغة الغرائز».

صناع الإعلام يميلون إلى المحتوى الذى لا يتطلب جهداً فى صناعته، يفضلون الأسهل. على سبيل المثال حادثة مثيرة، تختلط فيها العلاقات المحرمة بالطبقية بالنجومية أو الشهرة تجد اهتماماً من جانب العاملين فى المجال، ويقدمونها وكلهم ثقة فى أن الجمهور سيقبل عليها، ويثقون فى أنه بمجرد وضعها على الموقع ستزيد معدلات «الترافيك» أو المرور عليه.

إنتاج مثل هذه القصص لا يتطلب جهداً كبيراً فى الوصول إلى المصادر -الغاوية شهرة- أو جمع المعلومات. كما أن المبالغة فى سرد التفاصيل لن تضر، بل ربما تنفع، والفبركة والاختلاق واردان وتمثلان «التوابل» التى توضع على الوجبة ذات المكونات السيئة حتى يبتلعها الجمهور مستمتعاً.

من جهته يتعامل الجمهور مع المتاح. وهو بالغريزة والفطرة يفضل «المتبل» المضر على «الخضار المسلوق» معدوم الطعم والرائحة والشمخة.

لا يميل صناع الإعلام إلى «الأداء المنتج» ويفضلون «الأداء الاستهلاكى».

لا يفكرون على سبيل المثال فى إنتاج محتوى يمتع المتلقى باسترجاع الماضى «نوستالجيا». والمصريون بطبيعتهم من أكثر شعوب الأرض حنيناً إلى ماضيهم. وتتيح الإنترنت العديد من الأدوات التى تمكن الإعلامى من إنتاج مثل هذا المحتوى بشكل شديد الجاذبية لقطاعات الجمهور التى تهتم به.

ومن المضحك أننا فى عصر التكنولوجيا وغرق مواطن هذا العصر فى «الصندوق السحرى الصغير» المسمى بالموبايل، والأحاديث التى لا تنتهى عن أجياله، لا يقابلها اهتمام ذو بال من جانب الإعلام بمحتوى العلوم والتكنولوجيا.

ومن المضحك أيضاً أنه فى عصر «اقتصاد المعرفة» و«الهاى تك» لا تجد محاولات لتغطية الجديد فى هذا المجال على مستوى مصر والعالم، رغم أن نسبة لا بأس بها من المصريين تمضى أكثر ساعات يومها أمام شاشة اللاب أو الموبايل، وأصبحت تعمل من خلاله.

حتى موضوعات السياسة الخارجية لم تعد تحظى من جانب صناع المحتوى الإعلامى بما يليق بأهميتها من اهتمام، رغم الأحاديث التى لا تنقطع عن «المواطن العالمى» الذى أصبح يهتم بالداخل كما يهتم بالخارج.

ميل المحتوى الإعلامى إلى «التفاهة» له أسباب عدة، يتربع على رأسها فى التجربة المصرية «الكسل المهنى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المتبّل» و«المسلوق» «المتبّل» و«المسلوق»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon