تخطئ جماعة الإخوان إذا تصورت أن «بايدن» جاء ليمنحهم حقنة أمل فى العودة إلى المشهد السياسى فى مصر، ويخطئ غيرهم إذا شارك الإخوان هذا التصور أو توهم أن «ترامب» كان يعطى مصر شيئاً، وأن استمراره فى الحكم كان أنفع أو أجدى من غريمه.
من نافلة القول أن أياً من «بايدن» أو «ترامب» لا يهمهما الإخوان ولا غيرها. ما يهم أى رئيس يدخل البيت الأبيض هو مصلحة الدولة الأمريكية، والمواطن الأمريكى الذى يملك أن يأتى أو يطيح به من فوق كرسى الرئاسة.
صوت المواطن الأمريكى له ثمن وقيمة تأكد منها الناس جميعاً وهم يتابعون الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أو غيرها.
عملياً لم يعد للإخوان أى تأثير فى الواقع المصرى. والتمحك بها لم يعد ذا قيمة بالنسبة لأحد. كما أن تأثير التنظيم الدولى الذى يتولى إدارتها عالمياً لم يعد له وزن أو ثقل يمكنه من تحريك أى ساكن. والدعم الذى تلقاه الجماعة من تركيا من المتوقع أن يضمر ويضمحل مع تولى «بايدن» حكم الولايات المتحدة.
فالمساحة التى حظى بها «أردوغان» فى عصر ترامب، لن ينالها فى عصر «بايدن».
«ترامب» ترك «أردوغان» يرتع فى سوريا والعراق وغيرهما، وكان ليّناً معه حين حصل على صفقة الصواريخ الروسية إس 400.
موقف «بايدن» من تركيا سيكون مختلفاً. وقد سبق ووصف المرشح الديمقراطى «أردوغان» بـ«الطاغية» و«المستبد»، وندد بسياسته تجاه الأكراد ودعا إلى دعم المعارضة، وأكد على ضرورة تغيير النهج الذى تتعامل به الولايات المتحدة مع «تركيا أردوغان».
مؤكد أن الإخوان سمعوا هذه التصريحات التى كانت مثار استهجان أنقرة، بل ومحل هجوم من جانب الآلة الإعلامية للجماعة.
وتقديرى أن الآلة الإخوانية سوف تتبنى نهجاً مختلفاً فى التعامل مع «بايدن» مع نشوب أول معركة بينه وبين «أردوغان».
«بايدن» لن يعطى الإخوان شيئاً، لأن الإخوان لم تعد تتمتع بحضور ذى قيمة على الساحة المصرية، والجماعة لم تعد تعنى بالنسبة للمصريين شيئاً. كما أنه لن يعطى غيرهم شيئاً أيضاً.
أما تصور البعض بأن «ترامب» كان يعطى مصر شيئاً سوف يفوتنا بعد خروجه من البيت الأبيض فيرتبط بمقولة آن أوان مراجعتها. وهى مقولة «99% من أوراق اللعبة فى يد الأمريكان». تلك التى سكها الرئيس السادات رحمه الله تعالى، وقد قيلت فى سياق أحاديثه المتكررة عن الصراع العربى الإسرائيلى.
والتجربة تقول إن أمريكا لا تعطى إلا لإسرائيل. ولست بحاجة إلى أن أراجع لك عطاءات «ترامب» السخية لتل أبيب، ولن يكون «بايدن» أقل سخاء منه، بل قد يزيد، خصوصاً بعد أن أعطاه أغلب اليهود الأمريكان أصواتهم، فى وقت بخلوا بها على «ترامب»!.
المصريون بحاجة ماسة إلى الاعتماد على «ذراعهم» فى حل مشكلاتهم، والاقتناع بأن أغلب أوراق اللعبة فى أيديهم، وليس فى يد غيرهم.
قد يكون «بايدن» أقل عنصرية من «ترامب» فى النظر إلى المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية، وأكثر دعماً لحقوق «المرأة»، وأشد دفاعاً عن قضايا البيئة من سلفه، وذلك فى الداخل الأمريكى.
أما فى الخارج فسوف ينتهج «بايدن» السياسة التى سبق وانتهجها كل رؤساء الولايات المتحدة: سياسة الكيل بمكيالين!.. فيحابى من يفضّل حين يريد.. ويضايق من يعاند حين يرغب!.
وسبحان من قال: «كل يوم هو فى شأن».