بقلم: د. محمود خليل
بدأ مسار «فيروس» كورونا فى التحول منذ اللحظة التى أُعلن فيها عن ظهوره فى إيران. فبعد اكتشاف عشرات الحالات للإصابة بالمرض فى مدينة «قم»، وكل يوم نسمع عن حالات تظهر فى دول الخليج. وقد سبق وحذر خبراء منظمة الصحة العالمية من مخاطر ظهور الفيروس فى إحدى دول العالم الثالث، نظراً لقلة إمكانياتها فى فرض إجراءات الحجر الصحى على المصابين ومحاصرة الفيروس. وقد وقع المحظور وعاد الكثير من الحجيج إلى مدينة «قم» الإيرانية حاملين الفيروس إلى دول الخليج. ولا يعلم أحد حتى الآن على وجه الدقة الأوضاع الحقيقية لخريطة انتشار المرض.
طبقاً لما هو معلن، فالأوضاع فى مصر مطمئنة. حالة من القلق انتابت البعض فقط حين علموا أن «مصر للطيران» قررت تسيير رحلة أسبوعية إلى الصين (أعلن عن القرار يوم 20 فبراير)، وهو القرار الذى أثار غضب واستغراب العديدين، كما بان على مواقع التواصل الاجتماعى، لكن الشركة تراجعت عن القرار فى اللحظة الأخيرة بسبب انخفاض حجم الحركة. وظنى أننا بحاجة إلى قدر أعلى من التركيز والحذر فى التعامل مع «كورونا». فكل المشاهدات تقول إنه فى الطريق إلى التحول إلى جائحة -وباء- عالمية. فقد صرح مسئولون بمنظمة الصحة العالمية بأن هذا الاحتمال أصبح وارداً بنسبة كبيرة. وليس هناك خلاف على أن الأخبار الأخيرة تدلل على ذلك. وثمة أخبار أخطر متداولة الآن عن ظهور حالات للإصابة بالفيروس فى بعض بؤر الصراع بعالمنا العربى، مثل سوريا، ما ينذر بانتشار أكبر له، لأن هذه البؤر خارج أية إجراءات للحظر أو للمحاصرة، الأمر الذى يمكن أن يكون له نتائج خطيرة على المنطقة وعلى العالم برمته. فى ضوء ذلك، على المسئولين عن الصحة فى مصر التخلى عن طرقهم التقليدية فى الإدارة، وأن يتفهموا أننا أمام وضع أزمة يستوجب أداءً مختلفاً عن الأداء التقليدى الذى اعتادوا عليه.
لا بد أن تراقب وزارة الصحة ما يحدث فى العالم بدقة، وأن يتفهم مسئولوها وكذا المسئولون بكافة مؤسسات الدولة أن الصين لم تعد المصدر الوحيد للفيروس، فقد دخلت إيران على الخط، وكذلك العديد من دول الخليج، ولعلك تابعت القرارات التى اتخذتها بعض الدول الإسلامية بتعليق صلاة الجمعة، وقرار المملكة العربية السعودية بتعليق منح تأشيرات العمرة للدول المختلفة، ولعلك تابعت أيضاً مشاهد الشوارع الخالية، والمدن التى بدت وكأنها مدن أشباح داخل بعض الدول التى ضربها الفيروس. كل هذه الأمور لا بد أن يأخذها المسئولون عن الصحة فى الاعتبار حتى يكون أداؤهم على مستوى الحدث.
التحدى خطير، والأمور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. وكل ساعة تمر تشهد إجراءات جديدة تتخذها إحدى الدول فى مواجهة عملية الانتشار السريع للفيروس. وهو الانتشار الذى لا يفرق بين غنى وفقير، متقدم ونامٍ، كبير أو صغير. ولعلك شاهدت ذلك المقطع الذى ظهر فيه نائب وزير الصحة الإيرانى، وهو يعانى من أعراض المرض خلال مؤتمر صحفى رسمى، ما يعنى أن الفيروس ديمقراطى للغاية -على حد وصف نائب وزير الصحة الإيرانى- لا يفرق بين مواطن أو مسئول. انتبهوا أيها السادة!.