توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جسر التنهدات "الأدهمية"

  مصر اليوم -

جسر التنهدات الأدهمية

بقلم : محمود خليل

كان جمال عبدالناصر أوعى من كل الأطراف التى تصارعت على الحكم عام 1954 وأسرع منهم فى التحرك. فقد ابتلع مشهد التظاهرات والهتافات الأدهمية المطالبة بعودة «نجيب» المستقيل من رئاسة الجمهورية (فبراير 1954)، وفهم أن الإخوان هى المحرك الأول لها، فبادر إلى توجيه ضربة قاصمة للجماعة فى مارس 1954، وعندما أصبح محمد نجيب خالى الوفاض من «المحرك الشعبى»، الذى اعتمد عليه، بادر «ناصر» إلى اتخاذ قرار بإقالته -بموافقة مجلس قيادة الثورة- أواخر عام 1954. وعند هذه الخطوة تحول «الأداهم» إلى مواقع المتفرجين، بل قل اللامبالين. ويبدو أنهم نظروا إلى ما يحدث على أنه صراع على السلطة لا ناقة لهم فيه ولا جمل.

فاز فى الصراع على السلطة عام 1954 الشخص الأكثر استيعاباً لتلافيف وأضابير الشخصية الأدهمية. اعتمد «ناصر» فى البداية على سياسة «هات وخد» فى التعامل مع «الأداهم». من أول القرارات التى اتخذتها الحركة المباركة «منع المظاهرات التى تؤدى إلى اندساس خصوم الثورة بين المتظاهرين»، ثم اتخذت يوم 2 أغسطس 1952 قراراً بإلغاء الرتب والألقاب المدنية (بك وباشا). اتخذت الثورة أيضاً عدة قرارات اقتصادية ضاغطة على «الأداهم» مثل زيادة رسوم الجمارك على الدخان، وفرض ضريبة 10% على المبالغ والتحويلات المرخص بها للسفر إلى الخارج، وزادت ضريبة الدخل وضريبة الأرباح التجارية والصناعية وضريبة كسب العمل وأرباح المهن الحرة. أمر السياسة لا يعنى الأداهم كثيراً، فأغلبهم غير مسيسين، لكن أمر المعايش يهمهم كل الأهمية، لأنهم يريدون الحياة، شأنهم شأن الأوادم فى كل الدنيا، وقد بدأوا فى الشعور بالتوجس عندما سمعوا محمد نجيب يبرر إنقاص وزن رغيف الخبز للمواطن قائلاً: «اعتبرها لقمة رميتها للقطة»!

هنا تحرك جمال عبدالناصر وأصر على اتخاذ خطوات جادة فى اتجاه تحديد الملكية وتوزيع الأرض على الفلاحين المعدمين، وصدر قانون الإصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952. ومع صدوره شعر الكثير من «الأداهم» أنهم أمام سلطة تأخذ وتعطى، وأنها تأخذ من الأغنياء -على وجه الخصوص- لتعطى الفقراء. ولا يخفى عليك أن هذا النمط من الأداء يدفع «الأدهم» إلى استدعاء فكرة الفتوة العادل من الذاكرة. والأدهم البسيط لا يهمه أن تأخذ السلطة بحق أو بدون حق. فالمهم أن تعطيه. وقد أعطى جمال عبدالناصر الناس أشياء ملموسة فى أيديهم: أرض يتمددون عليها، وتعليم مجانى، ووظائف مضمونة بعد الحصول على الشهادة، وبطاقات تموينية يصرفون بها احتياجاتهم، وجمعيات استهلاكية تحارب الغلاء. الأدهم البسيط أيضاً لا يهمه التفاصيل. فالمهم أن تكون لديه قطعة أرض ولو صغيرة ولا يهم تأثير تفتيت الملكية على الزراعة.. المهم أن تكون المدرسة أو الجامعة مجانية بغض النظر عن مستوى الخدمة التى تقدمها.. المهم أن يتعين الخريج وليس يهم أن يكون فى تخصصه أو خارجه.. المهم أن يحصل على القوت بأرخص الأسعار وليس يهم مستوى الجودة. أداهم كثر استفادوا من السياسات التى انتهجها الرئيس جمال عبدالناصر لأنه ببساطة أعطاهم أشياء فى أيديهم ومنافع تصب فى صميم حياتهم، لذا فقد أحبوه، وتمكن «ناصر» -عبر جسر التنهدات الأدهمية- من بناء ظهير شعبى متين أغناه عن الإخوان، الجماعة التى قرر التخلص منها إلى الأبد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جسر التنهدات الأدهمية جسر التنهدات الأدهمية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon